31 ورحم الله الأمام أبا الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 597 , إذ يصف انهماكه في طلب العلم , وإنفاقه شبابه في تحصيله , ويذكر ملاذ ذلك الانهماك والإنفاق , في زمن الاكتهال والاكتمل , فيقول فى كتابه ((صيد الخاطر)) 2: 329: ((من أنفق عصر الشباب في العلم , فانه في زمن الشيخوخة يحمد@ جني ما غرس , ولتذبتصنيف ما جمع , ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئا بالإضافع إلى ما يناله من لذات العلم , هذا مع وجود لذاته في الطلب مما نيل منها كما قال الشاعر: أهتز عند تمنى وصلها طربا... ورب أمنيه أحلى من الظفر
ولقد تأملت نفسى بالإضافه إلى عشيرتى الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم , فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه , ثم تأملت حالي فاذا عيشئ في الدنيا أجود من عيشهم , وجاهي بين الناس أعلى من جاههم , وما نلته من معرفة العلم لا يقوم.
فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك؟ ! فقلت له: أيها الجاهل , تقطيع الأيدي لا وقع له أي لا يذكر وليس بشيء عند رؤية (يوسف) , ما طالت طريق أدت إلى صديق:
جزى الله المسير إليه خيرا... وإن ترك المطايا كالمزاد)) (1) .
32 وسيأتي في الخبر الجامع الثاني خبر (محمد ابن طاهر المقدسي) في ص 114 أنه بال الدم في طلب الحديث مرتين , إذ كان يقطع المسافات الطوال فى الهواجر , فناله من ذلك ما قاله! ولا شك أن صبرهم على هذه المشاق الفادحة أعقبهم الله به كريم الأجر وجميل الذكر.
33 وحسبك أن تعلم أن هلاء الذين أسلفت لك الحديث عنهم , قد اشتهى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وهو ملك دنيا الإسلام في
পৃষ্ঠা ৩৫