صفحات من صبر العلماء
على شدائد العلم والتحصيل
بقلم
عبد الفتاح ابو غدة
الطبعة الثانية
مزيدة ومحققة
الناشر
مكتب المطبوعات الاسلامية
حلب- باب الحديد- مكتبة النهضة- هاتف 15291
ويطلب من بيروت:
পৃষ্ঠা ৩
الشركة المتحدة للتوزيع ص. ب - 7460 هاتف 295501@ حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الاولى
1391 ه = 1971 م
الطبعة الثانية
পৃষ্ঠা ৪
1394 ه = 1974 م @ مقدمة الطبعة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين، وعلى من تبعهم باحسان الى يوم الدين.
وبعد فان اخبار العلماء العاملين، والنبهاء الصالحين، من خير الوسائل التى تغرس الفضائل فى النفوس، وتدفعها الى تحمل الشدائد والمكارة فى سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة، وتبعثها الى التاسى بذوى التضحيات والعزمات، لتسمو الى اعلى الدرجات واشرف المقامات.
ومن هنا قال بعض العلماء من السلف: (الحكايات جند من جنود الله تعالى، يثبت الله بها قلوب اوليائه) . وشاهده من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: (وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك) .
পৃষ্ঠা ৫
وقال الامام ابو حنيفة رضى الله عنه: (الحكايات عن العلماء ومحاسنهم احب الى من كثير من الفقه، لانها اداب القوم) وشاهده من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: (لقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب) نقله الحافظ السخاوى فى "الاعلان بالتوبيخ " ص 20، والمؤرخ المقرى فى "ازهار الرياض" 1: 21- 22 @ هذا، وقد لقى هذا الكتاب: (صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل) قبولا كريما من القراء وطلبة العلم، والفضل لله والحمد له وتلقيت كلمات كثيرة من كبار العلماء تخصه بالتقدير والثناء، ونفدت طبعته الاولى فى وقت قصير لم يكن مقدرا ان تنفذ فيه.
ولما كثر الطلب عليه رايت اعادة طبعه، وخرصت ان يخرج فى حلة قشية جميلة محببة الى القراء، ليبقى محافظا على سمته الرفيع الذى خرج فيه طبعته الاولى.
وزدت فى هذه الطبعة الثانية زيادات كثيرة نحو نصف الكتاب على الطبعة الاولى، وصنعت له محتوى عامل للايات القرانية، والاحاديث النبوية، والمصادر والكتب، والاعلام، والشعر، والموضوعات ليسهل الرجوع الى الجبر وصاحبه بايسر وقت، ورقمت الاخبار برقم متسلسل، ليحال الى الخبر عند الحاجة برقمه، وليكون الرقم فى اول الخبر اداة فصل بينه وبين سابقه، وجودت فيه الخدمة والضبط ما استطعت.
الله سبحانه هو ولى التوفيق والسداد، وبيده الهدى والرشاد، وهو المسئول سبحانه ان ينفع به ويجعله فى صحيفة الحسنات عنده، وينفعنى بدعوات المنتفعين به، ويجعلنى واياهم من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه، وهو ربنا ومولانا ونعم الرب والمولى، والحمد لله رب العالمين.
পৃষ্ঠা ৬
فى بيروت 24 / من رجب 1394... وكتبه عبد الفتاح ابو غدة @ مقدمه الطبعه الاولى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليم الحكيم حق حمده , والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله وعبده , وعلى من سار على نهجه القويم المبين , من الصحابة والتابعين, والعاملين, ومن تبعهم بأحسان ألى يوم الدين.
أم بعد فقد كنت أقف خلال مطالعاتى ومراجعاتى, على كثير من أخبار علمائنا المتقدمين , ووقائعهم شدائدهم التى عانوها أيام التحصيل والطلب ,أو خلال حياتهم العملية المملؤة بالتقشف والخشونة والعقبات والمتاعب.
وكنت أرى فى سطور تلك الاخبار والوقائع دروسا صامتة عظيمة, يجب أن يطلع عليا شبابنا المثقف ,وجيلنا المتعلم, واللفيف الغامط لتراثه العظيم , ليدركوا منها منزلة هذه العلوم الاسلا مية ,التى ألقيت بين أيديهم دانية القطوف, الثمرات والجنى , فيعرفوا قيمتها قيمة الجهود الجبارة الهائلة التى بذلت فى تحصيلها وتدوينها ,ونقلها وضبطها وتقلينها.
পৃষ্ঠা ৭
وتبدى لهم بالتالى من ثنايا تلك الاخبار وسيرة اهلها: عطمة المكتبة الاسلامية التى ملات ما بين الخافقين , وعظمة رجالها الذين شادوها بافكارهم وأقلامهم ,وأسفارهم وأعمارهم , وجوعهم وعطشهم ,وصبرهم وسهرهم ,@ وكدهم ونصبهم ,كما يتبدى لهم أيضأ أن هذه المكتبة الاسلامية الزاخرة: نسيج وحدها فى هذا الجانب العظيم.
وقد شد منى العزم على جمع هذه الصفاحات: أن ادارة (كلية الشرعية) بالرياض ,طلبت منى القاء محاضرة فى سلسة محاضراتها العامة , فرأيتها مناسبة حسنة لاختيار هذا الموضوع ,أذ
فيه عرض لجانب هام من تاريخ علوم الاسلام ,وتاريخ علمائه الابرار , يتعرف منه أباؤهم العلماء يتحملون المشاق والشد ائد فى سبيلها...., فيكون لهم من ذلك حافز على تقدير هذا التراث
العظيم , وتبصير بما عليهم من المسئوليات نحوه, من خدمته ونشره والحفاظ عليه والدفاع عنه.
فكتبت جل هذه الصفحات (1) ,ثم أضفت أليها من الاخبار ما يتمم مقاصدها ,ويذيد فوائدها.
اقتصرت فيها على أيراد الاخبار والوقائع دون تحليل أو تعليق علها ,أذ هى ناطقة بذاتها.
وعزوتها الى مصادرها ومراجعها.
وقد يرى القارىء فى هذه الصفحات بعض المصادفات العجيبة الغريبة, التى يكاد المرء يظن أنها مصنوعة غير واقعة ,لولا أن يتذكر أن هذا التاريخ الطويل عبر مئات السنين ,وهذا العالم الواسع
,الذى كان يومج بالعلماء موجأ فى كل جانب من جوانبه ,ومن مشارق الارض الى مغاربها: لا يستبعد أن تقع فيه على طويل امتداده وتكاثر أهله وتباين أحوالهم وأيامهم لا يستبعد أن تقع غيه بعض الغرائب والعجائب من الموافقات والمصادفات
পৃষ্ঠা ৮
(1) والقيتها محاضرة في ليلة الأحد 23 من المحرم سنه 1391 , فى قاعة المحاضرات العامة في كلية الشريعة بالرياض.@ والانسان قد يستبعد الشيء الغريب أحيانا , أذا قاس قبوله أو رفضه بمقياس مألوفه فى حياته القصيرة قطره الصغير! وقد يستغربه أحيانا اذا وجده كثيرا مع غرابته , ولكن يكون مبعث استغرابه له فى هذه الحال أتيا من كثرتهالتى رقف عليها دفعة واحد ان.
أما اذا تذكر أن ذلك الغريب العجيب بمقياس مألوفه وقع فى اماد مترامية من الزمن , وفى أناس لا يعلم عددهم الا الله تعالى , تقارب لديه قبول وقوعه, وزال منه انكار حدوثه, وعلم أن مثله
فى انكاره الاول مثل انسان وقف على مقطع من البحر ,ثم غاض فيه وضرب يمينا ويسارا من جنبات موقفه, فلم يشاهد فى أعماق (بحره) الا الاسماك المعتادة , والحيوانات المائية المعروفة, فانكر ما يحكى عن البحر من عجائب المخلوقات.
وما درى أن تلك المخلوقات العجيبة الغريبة لم تجمع من مقطع واحد من البحر الكبير ,ولا فى زمن واحد ,وانما جمعت من أطراف البحر التى تنحسر عندها الانظار والافكار ,وجمعت فى اماد متباعدة ,ومن أماكن متبايتة, وانما وقع له: أنه حدث عنها دفعة واحدة فانكرها، فاذا تذكر هذه الحقيقة خضع لقبولها ولم ينكرها.
وقد وقع لى فى أول حياة الدراسية والطلب ,أننى كنت أقف فى كتب فقهائنا المتأخرين رحمهم الله تعالى ,التى فروع فقيهة , بينوا فيها الاحكام لصور من الغرئب الخلقية ,التى تقع لبنى الانسان على مرور الزمان, حكوا فيها بعض الاشكال الغريبة النادرة, فكان يساورنى ردها والعتب على ذاكريها , كنت أحكم عليهم أنهم أو غلوا فى الخيال والتصور الاغراب الى ما لا يتصور وقوعه.
পৃষ্ঠা ৯
حتى اذا ما وقعت على كتاب ((عجائب المخلوقات)) لجرجى زيدان , فرأيت فيه الصور لتلك المخلوقات الانسانية العجيبة ,التى سجلتها عدسة التصوير فألزمت بقبولها وتصديقها, فيها ما هو أعظم وأدهش مما ذكره فقهاؤنا@ عليهم الرحمة والرضوان: زال من خاطرى التعب عليهم, وخلفه الاذعان والتقدير لهم.
وتفتح أمامى أن الفقيه فى القطر قد تعرض عليه الحادثة, تقع فى الناس بين الازمان والازمان ,فيسجلها ويبين حكمها ,فاذا جمع جامع بين تلك الغرائب فى تلك الكتب , التى دونت على مرور الاجيال , ونظر اليها نظرة واحد قاصرة, وغفل عن الازمان والاجيال التى وقعت فيها, قام فى نفسه الاستبعاد لها ,والميل عن قبولها. وانما أتى من غفلته وقصر نظرته.
وليس معنى هذا: أنه يلزم الانسان أن يصدق بكل ما ينقل أو يقال ,لا, وانما عليه أن يقيس الامور اذا استغربها بمقياسها الزمنى البشرى الكبير ,لا بمقياسه الفردي الانسانى الصغير (1)
(1) ومن لطيف ما وقف عليه من أخبار الغرائب فى الخلقة, والعجائب فى كثرة الاولاد فى البطن الواحد , ما حكاه الحافظ المحدث المعمر أبو طاهر السلفى (أحمد بن محمد) ,المولود باصبهان سنة478,والمتوفى بالاسكندرية سنة576, فى كتابه: ((معجم السفر)) ,فقد جاء فى القسم الذى استخرجه منه الدكتور احسان عباس ,وطبع فى بيروت سنة1963 بعنوان ((أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر للسلفى)) :جاء فى هذا القسم المذكور فى ص59 قول الحافظ السلفى رحمه الله تعالى: ((سمعت أبا محمد عبد الله بن تويت بن الوران اللمتونى بالثغر يعنى بالاسكندرية حيث كان يقيم السلفى يقول وجربته وكان ثقة يتحرى الصدق : سمعت أخى الامير أبا يعقوب ينتان بن تويت الفقيه غيره من المرابطين الثقات بالمغرب يقولون ولد فى بنى نورت بطن من الملثمين جسمان كاملان برأس واحد ,فعاشا زمنانا , ثم مات أحدهما وثقل الاخر ,فراموا قطعه منه , فشاوروا الفقهاء , فقيل لهم: يصبر أياما , فلم يمض قليل حتى مات الأخر.
পৃষ্ঠা ১০
قال أبو محمد: وولد بالأندلس في أيامنا مولود برأسين. وكان ابن غلاب@ وانما فرض بعض الفقهاء تلك الصور والفروع الغرائب, جربنا على عادتهم فى ذكر ما يمكن أ، يقع عقلا وان كان لا يقع عادة او شرعا للتفقيه بالتفريع للمتفقه, ولمعرفة حكم ما قد يقع ,وان كان ما افترضوه وتخيلوه من الحوادث النادرة قد وقع فعلا عبر العصور والازمان ,فرحمهم الله تعالى وجزاهم عن العلم وأهله خيرا.
هذا, وقد قسمت هذه الصفحات الى ستة جوانب من حياة العلماء:
الجانب الاول: فى أجباهم فى التعب والنصب والرحلة فى طلب العلم وقطع المسافات.
الجانب الثانى: فى أخبارهم فى هجر النوم الراحة والدعة وسائر اللذ اذات.
الجانب الثالث: فى أخبارهم فى الصبر على شظف العيش ومرارة الفقر وبيع الملبوسات أو المفروشات.
السوسى حاضرا, فقال: الذى بلغنا أنه ولد بالمغرب مولود برأس واحد له وجهان.
قال أبو محمد: وقد رأيت بحمص الاندلس امرأة ولدت أول ولادتها: ولدا, ثم فى المرة الثانية:
لدين ,وفى الثالثة: ثلاثة ,وفى الرابعة: أربعة ,وفى الخامسة: خمسة, وفى السادسة ,ستة , وفى المرة السابعة: سبعة فى بطن واحد! وايست من روحها! أشرفت على الهلاك, ثم امتنعت عن زوجها وأبت أن تطاعه, واشتهر أمرها عند الناس بأقطار الاندلس. وأبو محمد هذا: رجل صالح من أمراء المرابطين)) .
انتهى.
পৃষ্ঠা ১১
فتكون هذهالمرة ولدت 28 ولدا فى سبعة بطون , وانها لمن العجائب ,ولكن (الله يخلق ما يشاء) .سبحانه.@ الجانب الرابع: فى أخبارهم فى الجوع او العطش فى الهواجر الا يام والساعات.
الجانب الخامس: فى أخبارهم فى العرى الدائم ونفاد المال والنفقات فى الغربات.
الجانب السادس: فى اخبارهم فى فقد الكتب أو بيعها والخروج عنها أو نحو ذلك عند الملمات.
خاتمة: استخلصت فيها ما يستفاد من هذه الصفاحات ,من الحقائق والنصائح والعظات البالغات.
وهناك جانب هام جدا كان ينبغى أن يدخل فى هذه الصفحات , ولكنى لم أدخله فيها لانه تاريخ مستقل بنفسه ,وهو جانب الشدائد التى لحقت العلماء من الحكام الظلام ,فالت بهم الى غياهب السجون, وحجز الحريات والنفوس ,وهو جانب هام واسع ,جدير أن تستقل به صفحات ضافية,
بل ان أخبارهم المشرفة فى هذا الجانب تخرج فى مجلد ضخم كبير لمن تتبعها.
هذا التقسيم الذى أشرت اليه ,انما هو تقريبى تنظيمى ,فاننا سنرى أن أخبارهم فى هذه الجوانب سيتداخل بعضها فى بعض ,ويجتمع فى الخبر الواحد الذى أوردة مثلا (فى أخبارهم فى نفاد النفقة) ,يتجمع فيه الى نفاد النفقه: العرى والجوع والصبر على خشونة الحياة........, هكذا سنرى كل جانب معه جوانب أخرى ,لان حياة الانسان متشابكة الاطراف ,فالعلة اذا نزلت فى جانب من جسمه, أصابت جانبا اخر باثارها ومخلفاتها ولاريب.
وفى الختام: أسأل الله أن يتقبل هذ ه الصفحات وينفع بها ,وهو ولى.
الهداية والتوفيق.
بيروت 15/ من جمادى الاخرة1391
পৃষ্ঠা ১২
عبد الفتاح أبوغدة@ الجانب الاول
فى أخبارهم فى التعب والنصب والرحلة فى طلب العلم وقطع المسافات وأستهله بما جاء عن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام فى هذا الجانب , ثم أتبعه ما جاء عن بعض الصحابة فيه أيضا , ثم أتبعه ما جاء فيه العلماء الأجلاء.
1 قال الإمام أبو عبدالله البخارى فى ((صحيحه)) في كتاب العلم 1:153: باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر الى الخضر عليهما السلام, وقوله تعالى: (هل أتبعك على أن تعلمنى مما علمت رشدا) .
পৃষ্ঠা ১৩
ثم روى البخارى سنده إلى ابن عباس فقال: إنى تماريت أنا وصاحبى هذا فى صاحب موسى الذى سأل السبيل إلى لقيه , هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: نعم , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما موسى في ملآ من بني إسرائيل ,جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى: لا , فأوحى الله إلى موسى: بل عبدنا@ خضر ,فسأل موسى السبيل إليه , فجعل الله له الحوت أية , وقيل له : إذا فقد الحوت فارجع فإنك ستلقاه.
وكان يتبع أثر الحوت في البحر ,فقال لموسى فتاه (أرأيت إذا أوينا إلى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره...., قال: ذلك ما كنا نبعي فارتدا على أثارهما قصصا) فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذى قص الله عز وجل فى كتابه.
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) 1: 153 عند شرحه لهذا الحديث ((هذا الباب معقود للترغيب في احتمال المشقة في طلب العلم , لأن ما يغتبط به تحتمل المشقة فيه , ولأن موسى عليه الصلاة والسلام لم يمنعه بلوغه من السيادة المحل الأعلى من طلب العلم وركوب البر والبحر لأجله.
وفي الحديث: ركوب البحر في طلب العلم , بل فى طلب الاستكثار منه , ولزوم التواضع في كل حال)) .انتهى.
قال الحافظ البغدادي في ((الرحلة في طلب الحديث)) ص 53 عقيب هذا الحديث: ((قال بعض أهل العلم: إن فيما عاناه موسى من الدأب والسفر , وصبر عليه من التواضع والخضوع للخضر , بعد معاناة قصده مع محل موسى من الله عز وجل , وموضعه من كرامته وشرف نبوته: دلالة على ارتفاع قدر العلم وعلو منزلة أهله , وحسن التواضع لمن يلتمس منه ويؤخذ عنه.
ولو امتنع عن التواضع لمخلوق أحد , لارتفاع درجة وسمو منزلة , لسبق إلى ذلك موسى , فلما كان الجد والاجتهاد والانزعاج عن الوطن لمن يحرص على الاستفادة منه , مع الاعتراف بالحاجة إلى أن يصل من العلم إلى ما هو غائب عنه: دل على أنه ليس من الخلق من يعلو على هذه الحال ولا يكبر عنها)) . انتهى مصححا بقدر الإمكان.
2 وروى البخاري في ((صحيحه)) في كتاب المناقب في (باب قصة إسلام أبى ذر الغفاري رضي الله عنه) 6: 400 , وفي (باب قصة زمزم) 6: 400 أيضا , وفي (باب إسلان أبى ذر الغفاري رضي الله عنه) 7: 132 , وروى مسلم في ((صحيحه)) في (فضائل أبى ذر رضي الله عنه) 16: 32 واللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما بلغ أبا ذر مبعث النيى صلى الله عليه وسلم بمكة , قال لأخيه أنيس : اركب إلى هذا الوادي , فاعلم لي علم هذا الرحل , الذى يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء , فاسمع من قوله ثم ائتني.
فانطلق أنيس حتى قدم مكة وسمع من قوله , ثم رجع إلى أبى ذر فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق , وسمعته يقول كلاما ما هو بالشعر , فقال أبو ذر: ما شفيتنى فيما أردت!
قتزود أبو ذر وحمل شنة له فيها ماء (1) حتى قدم مكة ' فأتى المسجد , فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه , وكره أن يسأل عنه , أنه غريب , ودعاه إلى منزله فتبعه , فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شي حتى أصبح. ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد , وظل ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى: فعاد إلى مضطجعه , فمر به علي فقال: ما أن للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه فذهب به معه: ولا يسأل واخد منهما صاحبه عن شيء ,حتى إذا كان يوم الثالث فعل مثل ذلك , فأقامه علي معه , ثم قال له: ألا تحدثنى ما الذى أقدمك؟ قال: إن أعطيتنى عهدا وميثاقا لترشدني فعلت , ففعل , فأخبره , فقال: قإنه حق , وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم
পৃষ্ঠা ১৪
(1) الشنه هى القربه الباليه. @ يوجد نقص ص15 فاذا أصبحت فاتبعني ,فان رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأنى أريق الماء , فان مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي , ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه , فسمع من قوله وأسلم مكانه , الحديث.
وهناك رواية أخرى في حادية إسلام أبى ذر , رواخا عنه ابن أخيه عبدالله بن الصامت الغفاري , وقد رواها مسلم أيضا 16: 27 من طريق عبدالله بن الصامت الغفاري ابن أخى أيى ذر , ومخلصها: قال: قال أبو ذر: خرجنا من فومنا غفار , وكانوا يحلون الشهر الحرام , فخرجت أنا وأخى أنيس وأمنا , فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة.
فقال انيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني (1) , فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي أي أبطأ ثم جاء , فقلت: فما قول الناس؟ قال: يقولون: شاعر كاهن ساحر , وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة , فما هو بقولهم , ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر أي طرقه فما يلتئم على لسان أحد أنه شعر , والله إنه لصادق , وإنهم لكاذبون.
قال أبو ذر: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر , قال: فأتيت مكة , فتضعفت رجلا منهم يعني نظرت إلى أضعفهم فسألته , لأن الضعيف يكون مأمون الغائلة غالبا . فقلت له: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلي
পৃষ্ঠা ১৬
(1) وقع في ((صحيح مسلم)) المطبوع معه ((شرح النووى)) يلفظ (فأكفني 9 هنا وفيما يأتى: بهمزة فوق الالف وعليها فتحة. وهو تحريف. وصوابه (فاكفني) بدون همزة , فعلا ثلاثيا كما أثبته. ولم أجد في كتب اللغة التي رجعت إليها: (أكفني) فعلا رباعيا , ولو كان مرويا بهذا لضبطه شراح ((صحيح مسلم)) مثل النووي والأبي والسنوسي , وعدم تعرضهم لضبطه يفيد أنه جاء على الجادة ثلاثيا , فيصحح ما وقع في ((صحيح مسلم)) .@ فقال الصابئ! فال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم , حتى خررت مغشيا علي , فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر يعني كم كثرة الدماء التى سالت منه , صار كالنصب وهو الحجر الذى كان أهلى الجاهلية ينصبونه ويذبحون عنده فيحمر بالدم .
قال فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء , وشربت من مائها , ولقد لبثت يا ابن أخى ثلاثين بين ليلة ويوم , ما كان لي طعام إلا ما زمزم , فسمنت حتى تكسرت عكن بطني (1) وما وجدت على كبدي سخفة جوع يعني أثر الجوع وضعفه .
قال: فبينا أهل مكة في ليلة فمراء إضا ضرب على أسمختهم أي أذانهم بالنوم فما يطوف بالبيت أحد , وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر , حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه , ثم صلى , فلما قضى صلاته قلت: السلام عليك يت رسول الله , وعليك رحمة الله.
ثم قال: من أنت؟ قلت من غفار , قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته , ففلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار , فذهبت أخذ بيده , فقعد عنى أي كفني صاحبه وكان أعلم به مني.
يعني فعل هذا لدفع السوء عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ثم قال: متى كنت ها هنا؟ قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ ثلاثين ليلة ويوم , قال فمن كان يطعمك؟ قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم , فسمنت حتى تكسرت عكن بطني , وما أحد على كبدي سخفة جوع , قال: إنها مباركة إنها طعام طعم أي هي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام .
পৃষ্ঠা ১৭
(1) عكن جمع عكنة , وهي ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا. وهذا من بركة ماء زمزم.@ فقال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة , فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وانطلقت معهما , ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف , وكان ذلك أول طعام أكلته بمكة , الحديث (1) .
4 وقال البخاري في ((صحيحه)) في كتاب العلم في (باب التناوب في العلم) 1: 168 , وفى كتاب النكاح في (باب موعظة الرجل ابنته) 9: 244 ((وفي كتاب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار هو أوس بن خولي الأنصاري في النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ينزل يوما وأنزل يوما , فاذا نزلت جثته بخير ذلك اليوم من الوحي وغيره , وإذا نزل فعل مثل ذلك)) . انتهى.
وأتبع خير عمر بن الخطاب هذا خبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهم , وهو اطيب وأعجب.
5 قال الإمام أبو عبدالله البخاري في ((صحيحه)) في كتاب العلم 1: 158 (باب الخروج في طلب العلم) : ((ورحل جابر بن عبدالله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد)) .
يشير البخاري بهذا إلى الحديث الذي رواه في كتابه: ((الأدب المفرد)) في باب المعانقة ص 337 من طريق عبد الله بن عقيل , أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول: ((بلغنى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاشتريت بعيرا ثم شددت رحلي , فسرت إليه شهرا حتى قدمت الشام , فاذا عبد الله بن أنيس , فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب , فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم.
পৃষ্ঠা ১৮
(1) وقد سعى الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) 7: 132 , في التوفيق بين هاتين الروايتين في إسلام أيى ذر: روايه عباس ورواية عبد الله بن الصامت الغفاري.@ فخرج عبد الله بن أنيس فاعتنقني , فقلت: حديث بلغنى عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه , فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الله الناس يوم القيامة عراة غرلا (1) بهما , قلنا ما بهمأ؟ قال: ليس معهم شيء.
فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان , لا ينبغى لأحد من أهل الجنة , وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة , ولا ينبغى لأحد من أهل النار يدخل النار , وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة يعني لا يدخل أهل الجنة: الجنة. وأهل النار: النار إلا بعد تصفيه الحساب قلت: وكيف؟ وإنما نأتي الله عراة بهما؟ قال: بالحسنات والسيئات)) . بعني القصاص يكون بالحسنات والسيئات. انتهى.
وقد ساق الحافظ الخطيب البغدادي خبر جابر هذا في كتابه ((الرحلة في طلب الحديث)) ص 53 55 من طرق كثيرة , وروى غيره من أخبار الصحابة الذين رحلوا في طلب الحديث. وكتاب ((الرحلة)) للخطيب كتاب نافع مهماز للمتخلفين عن الرحلة , فاقرأه لعلك ترحل.
وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) 1: 159 بعد أن أورد حديث جابر هذا في رحلته إلى عبد الله بن أنيس: ((وفي هذا الحديث ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنن النبوية)) .
ثم قال الحافظ ابن حجر: ((قيل لأحمد بن حنبل: رجل يطلب العلم يلزم رجلا عنده علم كثير أو يرحل؟ قال يرحل , يكتب عن علماء
পৃষ্ঠা ১৯
(1) جمع أغرل , وهو الذى لم يختن أي يحشرون على حالتهم قبل الختان@ الأمصار , فيشام الناس ويتعلم منهم)) . انتهى (1) .
6 وفي ((شرح الألفية)) للحافظ العراقي 2: 226 , ز ((فتح المغيث)) للحافظ السخاوي ص 321: ((سأل عبد الله بن أحمد أباه: هل ترى لطالب العلم أن يلزم رجلا عنده علم فيكتب عنه؟ أو يرحل إلى الكوفيين والبصريين وأهل المدينة ومكة , يشام الناس يسمع منهم.
وقال يحي بن معين: أربعة لا تؤنس منهم رشدا , وذكر منهم رجلا يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث.
(1) وجاء هذا الخبر في ((الرحلة في طلب الحديث)) للخطيب البغدادي ص 47 عن الإمام أحمد بقلظ ((... قال يرحل , يكتب عن الكوفيين والبصريين وأهل المدينة , يشافه الناس ليسمع منهم)) . انتهى.
وقوله هنا في هذه الرواية الثانية: (يشافه الناس ليسمع منهم) , من (المشافهة) وهو لفظ صحيح المعنى , والمشافهة أن يكلم كل واحد صاحبه مدنيا شفته من شفته , أي يحادثه بقرب تام ولقاء.
وقوله في الوراية الأولى: (فيشام النس ويتعلم منهم) . من (المشامة) .
وسيأتى بهذا اللفظ أيضا في الخبر التالي ذي الرقم 6 وهو لفظ صحيح المعنى أيضا , قال ابن الأثير في ((النهاية)) : ((يقال: شاممت فلانا إذا قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف , وهى مفاعلة من الشم , كأنك تشم ما عنده ويشم ما عندك , لتعملا بمقتضى ذلك)) . انتهى.
পৃষ্ঠা ২০
ومن (المشامة) قول مسروق التابعي رضي الله عنه: ((شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فوجدت علمهم ينتهي إلى سته... , ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى على , وعبد الله بن مسعود)) كما في ((إعلام الموقعين)) لابن القيم 1: 16 ولفظ الرواية الأولى: (يشام الناس) في هذا المقام أبلغ وأعلى وأوسع دلالة من لفظ (بشافه الناس) , وكل منهما صحيح من حيث المعنى , ولعل الأثبت رواية عن الإمام أحمد لفظ (يشام الناس) . والله أعلم@ وقيل لأحمد بن حنبل: أيرحل الرجل في طلب العلم فقال: بلى والله شديدا , لقد كان علقمة بن قيس النخعي , والأسود بن يزيد النخعي. وهما من أهل الكوفة بالعراق . يبلغهما الحديث عن عمر. فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه إلى المدينة المنورة , فيسمعانه منه)) .
7 قال القاضى ابن خلدون أستاذ علم الاجتماع في ((مقدمته)) ص 279 ((إن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة: مزيد كمال في التعليم. والسبب في ذلك أن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما يتحلون به من المذاهب والفضائل , تارة: علما وتعليما ولقاء , وتارة: محاكاة وتلقينا بالمباشرة.
إلا أن حصول الملكات عن المباشرة والتلقين , أشد استحكاما وأقوى رسوخا , فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها وتفتحها .
والاصطلاحات أيضا في تعليم العلوم مخلطة على المتعلم , حتى لقد يظن كثير منهم أنها جزء من العلم , ولا يدفع عنه ذلك إلا مباشرته لاختلاف الطرق فيها من المعليمين.
فلقاء أهل العلوم , وتعدد المشايخ: يفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها. فيجرد العلم عنها , ويعلم أنها أنحاء تعليم وطرق توصيل , وتنهض قوه إلى الرسوخ والاستحكام في الملكات , ويصحح معارفه ويميزها سواها , مع تقويه ملكته بالمباشرة والتلقين , وكثرتهما من المشيخة عند تعددهم وتنوعهم , وهذا لمن يسر الله عليه طرق العلم والهداية.
فالرحلة لابد منها فى طلب العلم , لاكتساب الفوائد والكمال , بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال , (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) .
انتهى.
পৃষ্ঠা ২১
وما أجمل قول الشاعر العالم الرحال الذى طوى البلاد والأرض@ حتى طوته! أبى إسحاق الغزي (إبراهيم بن عثمان) , المولود بغزة من بلاد فلسطين عام 441 , والمتوفى ما بينت مرو وبلخ من بلاد خراسان , ونقل إلى بلخ ودفن بها سنة 524 رحمه الله تعالى وأكرم مثواه , ما أجمل قوله في الحض على الرحلة والتطواف , وفضل الرحيل عن الأرض التى تجهل أو تضيع فيها الأكابر والأشراف: لا تعجبن لمن أغناه عن أدب جهل! فان العمى يغى السرج أخفاك مكثك في أرض نشأت بها وليس يعرف قدر الدر في اللجج
8 أنتقل بعد هذا إلى ما جاء في هذا الجانب , عن العلماء التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين , فأستهله بما جاء عن التابعي الجليل العابد الفقيه (مسروق به الأجدع الهمداني) اليمنى الكوفي , المتوفى سنة 63 رحمه الله تعالى , صاحب عبد الله بن مسعود , والذي قال فيه الشعبي: ما رأيت أطلب للعلم منه , حكى الحافظ ابن عبد البرفي ((جامع بيان العلم وفضله)) 1: 94 ((أن مسروقا رجل في حرف أى من أجل كلمة واحدة وأن أبا سعيد لعله الحسن البصري رحل في حرف)) أيضا.
وساق الخطيب البغدادى في كتابه ((اللكفاية في علم الرواية)) المتوفى سنه 93 رحمه الله تعالى , ((فال أبو العالية: كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالبصرة , فما نرضى حتى نركب إلى المينة فنسمعها من أفواههم)) .
পৃষ্ঠা ২২
10 وجاء في ترجمة سيد التابعين (سعيد بن المسيب) عالم المدينة المنورة المولود سنة 13 , والمتوفى سنة 94 رحمه الله تعالى ورضي عنه , عند الحافظ عن سعيد بن المسيب , قال كنت أرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد)) .@ 11 وروى الحافظ الرامهر مزي فى كتابه ((المحدث الفاصل بين الكوفى الهمداني , المولود سنه 19 والمتوفى سنة 103 رحمه الله تعالى ((أنه خرج من الكوفه إلى مكة فى ثلاثه أحاديث ذكرت له , فقال: لعلي ألقى رجلا لقي النبي صلى الله عليه وسلم , أو: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)) .
وقال الحافظ الذهبى في ((تذكرة الحفاظ)) 1: 81 و84 في ترجمة الإمام الشعبي (عامر بن شراحيل الكوفي الهمداني) أيضا رحمه الله تعالى: ((قال ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومى هذا , ولا حدثنى رجل بحديث قط إلا حفظته , ولا أحببت أن يعيده علي , ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه أحد لكان به عالما.
وعن وادع الراسبي عن الشعبي قال: ما أروي شيئا أقل من الشعر , ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد.
قال ابن المديني: قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال بنفي الاعتماد , والسير في البلاد , وصبر كصبر الجماد , وبكور كبكور الغراب)) .
13 وروى الخطيب البغدادي في ((الرحلة في طلب الحديث ص 62 , يسنده إلى التابعي الجليل أبى قلابة (عبد الله بن زيد) الجرمى البصري أحد الأعلام , المتوفى سنة 104 , أنه قال: (أقمت في بلاد المدينة ثلاثا ولعلها: ثلاثة أشهر ما لى بها حاجة إلا قدوم رجل بلغنى عنه الحديث , فبلغنى أنه يقدم , فأقمت حتى قدم فحدثنى به)) .
পৃষ্ঠা ২৩