فصل [في أفعال الله تعالى]
والله تعالى لا يريد الظلم، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، لقبح ذلك عقلا، والله تعالى لا يفعل القبيح، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وهو تعالى يقول: ?وما الله يريد ظلما للعباد?[غافر: 31]، ?ولا يرضى لعباده الكفر?[الزمر: 7]، ?والله لا يحب الفساد?[البقرة: 205]، فنفى تعالى عن نفسه ما ذكر، وتكذيبه مخرج من دائرة الإسلام.
وهو سبحانه يكره المعاصي كما قال: ?كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها?[الإسراء: 38]، ولأنه نهى عنها وأوعد عليها، وقال تعالى: ?وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون?[الحجرات: 7]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الله كره لكم العبث في الصلاة، والرفث في الصيام، والضحك بين المقابر)) فإذا كره ذلك فكيف يكون مريدا لما نهى عنه مما فوقه من المعاصي؟ وإنما ذلك صادر بإرادة العباد، وهي توطين النفس على الفعل أو الترك .
واعلم أن الله سبحانه لعدله وحكمته لم يكلف عباده إلا ما يستطيعون، وأعلمهم على لسان نبيئه (ص) طريق الرشد ورغبهم فيها، وطريق الغي وحذرهم عنها وجعل ذلك إلى اختيارهم، مع قدرته على قسرهم وإلجائهم إلى ذلك، كما قال سبحانه: ?أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا?[الرعد: 31]، لكنه قال: ?لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي?[البقرة: 256].
পৃষ্ঠা ২২