قال: وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن العباس قال: نزلت هذه الآية في أهل قبا ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ فسألهم رسول الله ﷺ قالوا: إنا نتبع الحجارة والماء. قال البزار لا نعلم أحدا رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز ولا عنه إلا ابنه انتهى. ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولأخويه عمران وعبيد الله حديث مستقيم وعبد الله بن شبيب أيضا ضعيف وأصل الحديث في سنن أبي داود والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وليس في شيء هنا الجمع بين الأحجار والماء فمحل الاستدلال على وجوب الاستنجاء بالماء هو قوله لهم: "فعليكموه" إغراء لهم على الفعل بمعنى الزموه لم يثبت حتى يثبت ما دل عليه واعلم أن الأدلة في هذه المسألة غير مقيدة بكون الأحجار المذكورة للفرج الأعلى أو الأسفل أو لهما جميعا إذ يصدق قوله١ ﷺ: "وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" على من أراد أن يستنجي بعد البول فقط أو بعد الغائط فقط أو بعدهما، وكذلك قوله٢ ﷺ: "وكان يأمرنا بثلاثة أحجار" يصدق على كل ذاهب إلى الغائط سواء ذهب إلى البول فقط أو إلى الغائط فقط أو لهما، والمراد بالغائط في قوله ﷺ: "إذا أتى أحدكم الغائط": المكان المطمئن لا نفس الخارج كما صرح به أئمة اللغة. وكذلك قوله: "وليستنج أحدكم بثلاثة أحجار" شامل لكل قاض للحاجة سواء ذهب إلى البول فقط أو الغائط فقط أو ذهب إليهما جميعا كذلك قوله ﷺ: "فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطب بهن فإنها تجزي عنه" يتناول من بال فقط كما يتناول من تغوّط فقط، وكذلك قوله ﷺ: "فليستنج بثلاثة أحجار" يصدق على كل قاض للحاجة كما عرفت، وكذلك حديث: أمرنا رسول الله ﷺ أن لا نجتزي بأقل من ثلاثة أحجار، وقوله: "وأعدوا النبل" إذا تقرر هذا علمت أنه شرع الاستجمار لمن بال كما شرع لمن تغوط وأن يكون بثلاثة أحجار ولم يَرِدْ ما يخالف هذا من شرع ولا لغة ولا اشتقاق والاستنجاء هو غسل البدن عن الأذى بالماء ومسحه بالحجر كما صرح به صاحب النهاية وصاحب الصحاح والقاموس والاستجمار عندهم استعمال الجِمار والتمسح بالجِمار وهي الأحجار الصغار وهو استعمال
_________
١ صوابه قول الصحابي لأن هذا حكاية منه عن نهيه ﷺ.
٢ هذا كالذي قبله.
1 / 31