"يتوضأ بالماء لما تحت إزاره". قلت: معنى الوضوء ههنا الغسل والتنظيف وعليه عامة أهل العلم انتهى. وورد كيفية استعمال الثلاث في حديث ابن عباس ﵁ حجران للصفحتين وحجر للمسربة بسين مهملة وراء مضمومة أو مفتوحة مجرى للحدث من الدبر. أو ما يقوم مقامها للضرورة أي إذا لم توجد الأحجار ما لم يكن ذلك الغير مما ورد النهي عنه كالروثة والرجيع والعظم فإنه لا يجوز ولا يجزئ. قال في الحجة: لأنه طعام الجن وكذا سائر ما ينتفع به ويستحب الجمع بين الحجر والماء. وأقول: لا شك أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاستنجاء بالحجارة من دون ماء لأنه أقطع للنجاسة فلا تبقى بعده عين للنجاسة ولا ريح بخلاف الاستنجاء بالحجارة وهو الاستجمار فإذا لم يبق جزء من عين النجاسة بقي أثر من آثارها، وإذا لم يبق شيء من الآثار بقيت الريح ومع هذا فهو من السنن كما ثبت في الأحاديث الصحيحة مقرونا بما لا خلاف في شرعيته إنما الشأن في كونه يجب على من قضى الحاجة إذا أراد القيام إلى الصلاة أن يستنجي بالماء ولا يكفيه الاستجمار بالأحجار. ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يصلي والاستدلال على الوجوب بحديث أهل قبا لا يخفى أن غاية ما فيه تخصيصهم بالأمر بذلك دون غيرهم فإن سائر الصحابة كانوا إذ ذاك لا يستنجون بالماء ولهذا خص الله أهل قبا بالثناء ثم لم يرد أنه ﷺ أمر غير أهل قبا بذلك، وقد ذهب إلى أنه يكفي الأحجار ابن الزبير وسعد بن أبي وقاص والشافعية والحنفية كما حكى ذلك في البحر الزخار عنهم بل حكى أيضا عن عطاء أن غسل الدبر محدث وعن سعيد بن المسيب ما يفعله إلا النساء هكذا في البحر، وروى عنه أنه كان يقول: إذن لا يزال في يدي نتن يعني إذا غسل فرجه بالماء ويدل على عدم الوجوب في أحاديث الأمر بالاستجمار وما ورد من أن ثلاثة أحجار ينقين المؤمن لم يصح.
والحاصل: أنه لا نزاع في كون الماء أفضل إنما النزاع في أنه يتعين ولا يجزئ غيره وهذا كله على فرض ثبوت قوله في حديث أهل قباء: "ذلكموه فعليكموه" ولكنه لم يثبت في شيء من كتب الحديث بل الذي في الجامع عن أنس أن النبي ﷺ قال لأهل قباء: "إن الله قد أحسن الثناء عليكم فما ذاك"؟ قالوا: نجمع في الاستجمار بين الأحجار والماء. قال في الجامع ذكره رزين وفي التلخيص عن البراز في مسنده قال: "نبأنا عبد الله بن شبيب نبأنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز
1 / 30