وآلامه ، التي كانت وصلت إليه عندهم في الضرب والصلب ، وما كان يلقى في سياحته وأمره ونهيه من الدؤب والتعب ، وفيما (1) جعل الله من طعمه وأكله من الآيات البينة الجلية، ما يبطل ما قالت به النصارى فيه من الأقوال الكاذبة المفترية الردية ، وفي نسبة الله له المعقولة في الدنيا والآخرة إلى أمه ، ما يدل والحمد لله من رشد على أنها من أصله وجرمه ، (2) وأنه في ذلك كله كمثلها ، إذ هو منها ومن نسلها ، آباؤها آباؤه ، وغذاؤها غذاؤه.
فليفهم هذا من أمره وأمرها ، وعند ذكره في النسب وذكرها من يفهم ويعقل ، ولا يتجاهل منه ما لا يجهل. وليعلم أن قول الله سبحانه كثير في كتابه : ابن مريم ، وترديده في ذلك لذكره بها صلى الله عليه وسلم ، فيه من تيقن الثلج ، (3) وغوالب الحجج ، التي يثلج (4) بها كل قلب ، ويغلب فلا يعلى بغلب ، إذ تقرر من ولادتها له ما لا ينكره من النصارى ولا غيرها منكر ، ولا يتحير فيه من (5) كل من عرفه بها ولا بما كان له من ولادتها متحير ، إذ جعله الله سبحانه ابنها ، وجوده منها وعنها ، منها (6) كونه وفصوله ، وأصولها كلها أصوله ، وكل ما لزم فرع شيء من تغيير أو فناء لزم أصله ، وكذلك كل ما كان من ذلك للأصل فهو له ، لا يأبى ذلك ولا يكابره ، إلا فاسد العقل حائره (7).
وفيما قلنا به والحمد لله من ذلك ، وأن (8) عيسى صلى الله عليه كذلك ، ما يقول الله سبحانه : ( ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر
পৃষ্ঠা ৩৯৩