ألا ترى كيف يبرأ من أفعالهم، ويأمر بالمجاهدة لهم على اليسير من أعمالهم؟ ولو كان المتولي لذلك فيهم؛ لما عابه سبحانه منهم، ولما حض عباده على تغيير ما أحدث فيهم. ألا تسمع كيف يقول: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} [الحجرات: 9]؟ فقال: {اقتتلوا} فألزمهم الفعل، وقال: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، فأوجب على غيرهم من المؤمنين نصر المظلومين على الظالمين، فلو كان على قول الجاهلين لكان قد ألزم المؤمنين قتال من لا يجب قتاله، ومن تجب ولا يته، إذ أجاب الله في دعوته، وجرى له في طاعته، وبغى على من أمره بالبغي عليه، ولو كان الله المحدث البغي في الفاعل له، لكان قد أمر عباده بقتاله خصوصية(1) دون غيره، حتى يفيء هو ويرجع عن إرادته ومشيئته، ولكان أيضا قتال عباده قتاله دونهم، فكان مقاتلا لنفسه على فعله، إذ كان فعل المقاتل والمقاتل له فعلا واحدا. فتبارك الله المتقدس عن ظلم العباد، المتعالي عن اتخاذ الصواحب والأولاد، كما قال سبحانه: {وما ربك بظلام للعبيد}.
والحمدلله الحميد، على ما خصنا به من التوحيد، ودلنا به من الدلالات؛ فيما أبان من خلق الأرضين والسموات، وغيرهما من الآيات. تم الجواب..
المسألة الرابعة:
عن النار وأهلها، هل الخير أراد بهم أم الشر؟
পৃষ্ঠা ২৯৮