وإن أذنبوا رجعوا إليه واستغفروا، وإن أمروا ائتمروا، وإن نهوا انتهوا، وإن ابتلوا رضوا وصبروا، أو بثوا أمرهم إليه، مستغيثين به من بلائه ، مستعينين به على إقامة عبوديته.
فإذا كمل ذلك بتوفيق الله صعدوا إلى سلوك آخر ، وبداية أخرى وهو العمل على محبة الله تعالى لهم ، ورضاه عنهم ، وهذا يقتضي سلوكا دقيقا، وتقوى عميقة في القلوب والأسرار، لأنها محل نظر الحق تعالى، فيصونوها عن دقائق المكروهات، ودبيب الخطرات، يقصدون بذلك حقيقة الطاعة له، ويهربون بذلك عن خفايا المعصية له، ويظهر منهم بذلك حقيقة المحبة له.
فهؤلاء غاية أملهم رضا مولاهم عنهم، ومحبته لهم، ويطلبون مع ذلك عافيته، وكفايته، لا ينقطعون، وحينئذ يشرعون في سلوك المحبوبين، ولهم ذنوب خاصة، نذكر من ذلك طرفا.
اعلم أنك إذا أردت تقليل شيء من طاعة أو معصية ، أو خير أو شر، فأنت بمجرد إرادتك لذلك المعنى معه لا تفارقه، فأنت بإرادتك لصلاة تكون معها، أو لفاحشة تكون معها.
فالإنسان بإرادته يكون مصليا عابدا، وعاصيا، مغتابا، وزانيا، وشاربا، ولائطا، لأن الحقيقة الباطنة قارنت ذلك الفعل وإرادته، فإن القلوب تقرب من الأشياء وتمتزج بها بمجرد الإرادة ، وليست القلوب كالأجسام يكون بينها وبين الأجسام الأخرى مسافة، فإن القلوب متى أرادت وعرفت طريق إرادتها، لم يكن بينها وبين ما أرادته مسافة بالباطن، وإن كانت بالجسم مستورة عنه.
পৃষ্ঠা ৬৬