ومنهم: من يطلب رياسة استتباع الخلق له، وعكوفهم عليه وإشارتهم إليه.
ومنهم: من يطلب بذلك جمع الحطام، والتأكل بدينه وحاله عند الأنام، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع ألصادقين)، علامتهم أن يفروا إلى الله تعالى من نفوسهم، ومما صنعت وفرطت في جنب الله تستعد بالتوبة النصوح، للقاء الله تعالى، لتقر عينها بلقائه، ولتلقاه بوجه أبيض، يوم تسود وجوه أعدائه، لا يزال كذلك حتى يشرق لها أنوار القلوب، وهي أنوار تنافس بها، فتنهض بذلك إلى سلوك ثان، وهو الطلب وا لإرادة لقرب الله تعالى، لأنهم في الأول لما لاحت لهم الآخرة هربوا من الذنوب إليها بالتقوى والطاعة، فلما لاحت لهم بوارق المطلوب فروا من كل شيء إليه.
وهم في هذه الرتبة الثانية إليه، يعملون على تفضيل المشاهدة القلبية على العقائد الإيمانية ، لينفذوا من دينهم إلى أحوالهم ، ومن أحوالهم إلى دينهم، بحيث لا يبقى دينهم من صوب، وحالهم من صوب آخر، فلا يزالون كذلك حتى يكمل لهم التفضيل، ويرتقون إلى المشاهدة ؛ السر الجامع لجميع المشاهد والصفات، ثم يعملون على ثبات قدمهم على الكشف لهم، فإن أشق شيء على المحبين غيبة محبوبهم عنهم، فإذا دام لهم عملوا على العبودية وتحقيق مبانيها في حضرة مشهودهم ، من الحياء والمهابة والخوف والتعظيم والمحبة، فإن تلوا القرآن كأنهم يسمعونه منه، وإن قاموا بوظيفة من وظائف أوامره حققوا هيئتها، وحضروا مع معناها، وإن أنعم عليهم شكروا،
পৃষ্ঠা ৬৫