ولما تمت أحوال الأحياء في الدُّنْيَا عَقبه بذكر أحوالهم بعد الموت فقال: الفرائض.
ولما تم ذلِكَ بغير جناية عَقَّبه بالحدود.
ولما كَانَ المرتد لا يكفر إذا كَانَ مكرهًا ذكر الإكراه.
ولما كَانَ المُكْرَه قد يُضْمر في نفسه حيلة رافعة ذكر الحيل، وما يحلُّ منها وما يحرم.
ولما كَانَ فيها ما يخفى أردفها بتعبير الرؤيا.
ولما كَانَ فيها لبعض الناس فتنة، كما قَالَ تعالي: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]. عَقَّبها بالفتن.
ولما كانت الفتن يرجع فيها إلَى الأئمة عقبها بالأحكام وأحوال الأمراء والقضاة.
ولما كَانَ ذَلِكَ قد يُتَمَنَّى عَقبَه بالتَّمَنِّي.
ولما كَانَ مدار الأحكام عَلى أخبار الآحاد ذكره في باب.
ولما كانت كلها تحتاج إلَى الكتاب والسُّنة عَقَّبها بالاعتصام بهما.
ولما كَانَ أصل العِصْمة هو توحيد الله عَقَّبه بكتاب التوحيد.
ولما كَانَ آخر الأمور الَّتِي يظهر بِها المفلح من الخاسر ثقل الموازين أو خفتها جعل آخر تراجم أبوابه باب: قول الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ﴾ الآية [الأنبياء: ٤٧]. وأن أعمال بني آدم توزن.
فبدأ ببدء الوحي؛ إذ به ظهرت حكمة بدء الخلق؛ لقوله تعالَى: ﴿وَمَا [٧ / أ] خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ [الذاريات: ٥٦]. وختم بآخر الأحوال الموجبة للاستقرار.
وافتتح بحديث: "الأعمال بالنيات" (١)، وختم بكون الأعمال توزن، وأشار بذلك إلَى أنه إنما يَثْقل منها ما كانَ خالصًا، وأورد فيه حديث "كلمتان خفيفتان عَلى اللسان،
_________
(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كَانَ بدء الوحي. . .) برقم (١).
1 / 84