وجوهها الناضرة، والليل قد روق، وشراب المنادمة مروق، لمحت في المجلس شمعة، وقفت في الخدمة وأجرت الدمعة، جسمها نحيل، ومحيّاها جميل، قامتها قويمة، ودرّة تاجها يتيمة. تحرقها أنفاسها، ويوبقها نبراسها. كاسية عارية، تخجل بضوئها الجارية:
مفتولة مجدولة ... تحكي لنا قد الأسل
كأنها عمر الفتى ... والنار فيها كالأجل
أو نبل نصله ذهب، أو حية لسانها لهب، أو وردة على قضيب، أو محب أسهره بعد الحبيب، أو لينوفرة، أو سبيكة معصفرة، أو غرة في وجه أدهم السدف، أو كوكب أرخى ذؤابته ثم وقف:
أو ضرة خلقت للشمس حاسدة ... فكلما حجبت قامت تحاكيها
يخوض في لجة الدمع طرفها القريح، وتلعب بلهب قلبها الجريح يد الريح، فتطلعه نجمًا، وترسله سهمًا، وتحركه لسانًا، وتنشره طيلسانًا، وتضربه دينارًا، وتصيره جلنارًا، وتصوره سوسنًا، وتصوغه إكليلًا تبره ذو سنًا، وتعطفه كالهلال السافر، وتنصبه أذن جواد نافر، وترفعه كالسنان، وتقيمه أنملة في بنان، وتبسطه كالمنديل، وتميله سلسلة قنديل، وتخطه ألفًا مستقيمًا، وترسمه نونًا أو جيمًا.
1 / 55