256

মরুঝ আল-ধাহাব ওয়া-মা'আদিন আল-জওহর

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وإذ قد وضح أن الأشياء محدثة أكونها بعد أن لم تكن فلا بد لها من محدث هو بخلافها لا شكل له ولا مثل، لأن العقل لا يفيم لشيء مثلا حتى يعلم له قدرا ووزنا، ويعادله بمثله وشكله، وتعالى وجل وعز من لا تعبر عن ذاته اللغات، وتعجز العقول أن تحصره بالصوت، وتدركه بالأشرات، أو يكون ذا غايات ولهايات. قال المسعودي: فلنرجع الآن إلى الكلام في حصر تاريخ العالم ووصف أقاويل الطوائف في ذلك المعنى،لأنا إنما ذكرنا الكلام في حدوث العالم لما ذكرنا قول من قال بقدمه ودل على أزليته، وقد تقدم ذكرنا لقول الهند في ذلك فيما سلف من هذا الكتاب.

عمر الدنيا

وأما اليهود فإنهم زعموا أن عمر الدنيا ستة آلاف سنة وأخذوا في ذلك مأخذا شرعيا، وذهبت النصارى إلى أن عمر العالم ما ذهبت إليه اليهود، وأما الصابئة من الحرانيين والكماريين فقد ذكرنا قولهم في ذلك في جملة قول اليونانيين، وأما المجوس فإنهم ذهبوا في ذلك إلى حد غير معلوم من نفاذ قوة الهرمند وكيده، وهو الشيطان، ومنهم من ذهب في ذلك إلى نحو ما ذهب إليه أصحاب الاثنين في الزاج والخلاص، وأن العالم سيعود بدءا متخلصا من الشرور والآفات.

وزعمت المجوس أن من وقت زرادشت بن أسبيمان نبيهم إلى الإسكندر مائتين وثمانين سنة، وملك الإسكندر ست سنين، ومن ملك الإسكندر إلى ملك أردشير خمسمائة سنة وسبع عشرة سنة، ومن ملك أردشير إلى الهجرة خمسمائة سنة وأربع وستون سنة؛ فذلك من هبوط أدم إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ستة آلاف سنة ومائة وست وعشرون سنة: منها من هبوط آدم عليه السلام إلى الطوفان ألفان ومائتان وست وخمسون سنة، ومن الطوفان إلى مولد إبراهيم الخليل عليه السلام ألف وتسع وسبعون سنة، ومن مولد إبراهيم إلى ظهور موسى بعد ثمانين سنة خلت من عمر موسى بن عمران - وهو وقت خروجه ببني إسرائيل، من مصر إلى التيه - خمسمائة وخمس وستون سنة، ومن خروجهم إلى سنة أربع من ملك سليمان بن داود - عليه السلام! - وذلك وقت ابتدائه في بناء بيت المقدس - ستمائة وست وثلاثون سنة، ومن بناء بيت المقدس إلى ملك الإسكندر سبعمائة وسبع عشرة سنة، ومن ملك الإسكندر إلى مولد المسيح ثلثمائة وتسع وستون سنة، ومن مولد المسيح إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وإحدى وعشرون سنة، - يين أن رفع الله المسيح، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وست وأربعون سنة وبين مبعث المسيح وهجرة النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وأربع وتسعون سنة، وكانت وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم في سنة تسعمائة وخمس وثلاثين سنة من سني ذي القرنين، ومن داود إلى محمد صلى الله عليه وسلم ألف سنة وسبعمائة سنة وسنتان وستة أشهر وعشرة أيام، ومن إبراهيم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ألفا سنة وسبعمائة سنة وعشرون سنة وستة أشهر وعشرة أيام ومن نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف سنة وسبعمائة سنة وعشرون سنة وعشرة أيام فعلى هذا القول جميع جملة التاريخ من هبوط آدم إلى الأرض إلى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف سنة وثمانمائة سنة وإحدى عشرة سنة وستة أشهر وعشرة أيام، فجملة التاريخ من هبوط آدم إلى الأرض إلى هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة، من خلافة المتقي بالله ونزوله الرقة من ديار مضر - خمسة آلاف سنة ومائة وست وخمسون سنة.

وقد ذكرنا جملا من التاريخ فيما سلف من هذا الكتاب فلم نعد منه ما تقدم.

وللمجوس في التواريخ أقاصيص يطول ذكرها، وعود الملك إليهم وإلى غيرهم من الطوائف السالفة في بدو العالم وفنائه، ومن قال منهم ببقائه، وأن لا بدء له ولا نهاية، ومن ذهب منهم إلى أن له انتهاء ولا بدء له، وقد أتينا على ذلك فيما سلف من كتبنا فأغنى ذلك عن الإعادة في هذا الكتاب؛ لاشتراطنا فيه على أنفسنا الاختصار والإيجاز والتنبيه على ما سلف لنا من الكتب.

رأي أهل النظر من المسلمين

পৃষ্ঠা ২৭৫