نوأسمع من ألفاظه اللغة التي ... يلذ بها سمعي ولو ضمنت شتمي
يقول: لألقى ابن إسحاق، وأسمع من ألفاظه، وعباراته الشريفة، اللغة التي استلذها، وإن كانت متضمنة شتمي!.
يمين بني قحطان رأس قضاعةٍ ... وعرنينها بدر النجوم بنى فهم
العرنين: مقدم الأنف وأعلاه، وبنى فهم: بدل من النجوم.
يقول: إنه يمين بني قحطان كلهم، ورأس قضاعة: التي هي قبيلة من قحطان، وعرنين قضاعة أيضًا، وهو بدر بني فهم: الذين هم رهطه الأدنون فجعلهم نجومًا وجعله بدرًا.
إذا بيت الأعداء كان استماعهم ... صرير العوالي قبل قعقعة اللجم
يقول: إذا جاء أعدؤه ليلًا سمعوا صرير الرماح في عظامهم قبل استماعهم إلى صلصلة اللجم، يعني: أنهم لا يشعرون حتى تصير الحال هذه. وقيل: إنه يبادر إلى أخذ الرمح، وإن لم يجد فسحة لإسراج فرسه وإلجامه ركب بغير سرج ولجام.
مذل الأعزاء المعز وإن يئن ... به يتمهم فالموتم الجابر اليتم
روى: وإن يئن وإن يحن ومعناه واحد. وتقديره: مذل الأعزاء معز الأولياء.
يقول: هو يذل أعاءه وإن كانوا أعزاء، ويعز أولياءه المستجيرين به وإن كانوا من أعدائه الذين أيتم أولادهم، فالذين يؤتمهم يجبر يتيمهم ويرضيهم، ويقوم لهم مقام الآباء في النفقة عليهم والإحسان إليهم.
وإن تمس داءً في القلوب قناته ... فممسكها منه الشفاء من العدم
وروى: فممسكها بكسر السين، وروى: بفتحها، فالأول يريد به الممدوح والثاني يده، لأنها الموضع الذي يمسكه به، ويجوز أن يريد به المصدر: أي إمساكها.
يقول: إن أمست قناته داءً في قلوبهم؛ لطعنه إياهم بها فالذي يمسك القناة عنهم هي يده، شفاؤهم من الفقر، إمساكه لها يشفي من الفقر.
مقلد طاغي الشفرتين محكمٌ ... على الهام إلا أنه جائر الحكم
يقول: إنه تقلد سيفًان طغى جانباه، وقد جعل الحكم على رءوس الأعداء، غير أنه جائر الحكم من كثرة القتل.
تحرج عن حقن الدماء كأنه ... يرى قتل نفس ترك رأس على جسم
يقول: إن سيفه يتأثم عن حقن الدماء، فكأنه يرى القتل في الاحتساب والالتذاذ كترك الرءوس على الأماكن، وتحرجه عن حقن الدماء. إما لأن سيفه لا يقتل إلا الكفرة، الذين يكون الإثم في الكف عنهم، أو يريد بيان كونه جائر الحكم: لعدم التمييز منه، أو لأنه جماد لا يلزمه إثم في القتل، ثم نزه نفس الممدوح فقال:
وجدنا ابن إسحاق الحين كحده ... على كثرة القتلى بريًا من الإثم
وروى: كجده بالجيم.
يقول: وجدنا هذا الرجل كحد السيف مضاء في براءته من الإثم كبراءة السيف من الإثم، مع كثرة القتلى منه، لأنه لا يقتل إلا المستحق.
مع الحزم حتى لو تعمد تركه ... لألحقه تضييعه الحزم بالحزم
يقول: إنه مع الحزم في جميع الأمور، حتى لو تعمد ترك الحزم لألحقه ذلك بالحزم! يعني: إذا أحزمه في بعض الأمور، كان ذلك الحزم: وهو الجود وتبذير المال، في طلب المجد؛ فكأن تركه الحزم حزمًا منه لما فيه من اقتناء الحمد والمجد.
وفي الحرب حتى لو أراد تأخرًا ... لأخره الطبع الكريم إلى القدم
يقول: إنه مع الحزم في اقتناء المعالي، لو أراد أن يتأخر عن الحرب لأخره طبعه إلى التقدم. يعني: إنه إذا نوى أن يتأخر عن المحاربة قدمه إليها طبعه الكريم.
له رحمةٌ تحيي العظام وغضبةٌ ... بها فضلةٌ للجرم عن صاحب الجرم
يقول: له رحمة واسعة بحيث تحيي العظام البالية، وله مع هذه الرحمة غضب متجاوز عن الحد، بحيث أنه يفضل غضبه على جرم المجرم فيهلكه ويفنيه، وقيل أراد أنه واسع الرحمة له مع ثورة الغضب فضلة تمسكه لغضبه فهو مالكٌ أمره.
ورقة وجهٍ لو ختمت بنظرةٍ ... على وجنتيه ما انمحى أثر الختم
يصفه بالحسن ويقول: له رقةٌ بوجهه حتى لو ختمت عليه بنظرة أو لو نظرت إليه لبقيت على وجهه حمرة؛ لفرط حيائه، ولأثر الختم فيه أثرًا لا ينمحي أبدًا.
أذاق الغواني حسنه ما أذقتني ... وعف فجازاهن عني على الصرم
يقول: حسنه أذاق الغواني من ألم العشقف ما أذاقتني الغواني منه، وصار عفيفًا فجاز الغواني عني بتنزهه عنهن على ما فعلن بي من الهجران.
فدىً من على الغبراء أولهم أنا ... لهذا الأبي الماجد الجائد القرم
1 / 68