يقول: رمى هذا الرشأ سهمًا وهو النظر ولم ترم يداه فصابني، سهمٌ يعذب طول الأبد، بخلاف السهام المريحة القاتلة.
قرب المزار ولا مزار وإنما ... يغدو الجنان فنلتقي ويروح
المزار الأول: موضع الزيارة. والثاني: المصدر، ويحتمل أن يكونا مصدرين.
يقول: قرب المزار بيننا بالفكر والقلب، ولا زيارة في الحقيقة، وإنما يغدو القلب ويروح، إلى القلب فنلتقي نحن بالتقائهما، فالتقاؤنا بالأرواح لا بالأشباح.
وفشت سرائرنا إليك وشفنا ... تعريضنا فبدا لك التصريح
يقول: كنا قد عرضنا بحبك فشفنا أي أضعفنا تعريضنا به فضعفت أسرارنا لذلك التصريح، فأظهر هزالنا ونحولنا ما بنا، فصار التعريض تصريحًا.
وقيل: أراد لما شفنا التعريض وجهر بنا، فلم نطق كتمان الحب، أسررنا إلى التصريح فانهتك الستر.
لما تقطعت الحمول تقطعت ... نفسي أسىً وكأنهن طلوح
الحمول: بالفتح الإبل، وبالضم الأحمال. وأراد ها هنا الهوادج بما فيها.
يقول: لما تقطعت الحمول عن عيني تقطعت نفسي حزنًا. ثم شبه الحمول بالطلوح وهي جمع الطلح شجر عظيم، لأنهم يشبهون الإبل، وأحمالها بالنخيل، وسائر الأشجار الرفيعة. ويجوز تشبهها بالطلح لنحولها ودقتها.
وجلا الوداع من الحبيب محاسنًا ... حسن العزاء وقد جلبن قبيح
الضمير في جلبن: للمحاسن.
يقول: أظهر الوداع من الحبيب محاسن، وكان الحسن الصبر، وقد أظهرن قبيحًا؛ لظهور هذه المحاسن، أو لما تعقبه من الفراق. ومثله قول الشاعر:
والصبر يحسن في المواطن كلها ... إلا عليك فإنه لا يحمد
قيدٌ مسلمةٌ وطرفٌ شاخصٌ ... وحشًا يذوب ومدمعٌ مسفوح
وقد روى أيضًا فيدٌ مسالمةٌ أي مصالحة؛ من حيث أنه أشار بها للوداع. والشاخص: هو الذاهب المتحير. والمسفوح: المصبوب وأراد به المدمع الحال فيه، لأن محله غير مسفوح، ويجوز أن يكون أراد ومدمع مسفوح منه: يصف حال الوداع فيقول: كان لكل واحدٍ منا، يد مسلمة للتوديع خوف الرقباء، وطرف طافحٌ متحير، وحشًا ذائب؛ أسفًا على الفراق، ودمع مسفوح.
يجد الحمام ولو كوجدي لانبرى ... شجر الأراك مع الحمام ينوح
انبرى: أي انبعث وأخذ.
يقول: لو حزن الحمام مثل حزني لناح شجر الأراك الذي عليه، مع الحمام عند نوحها.
وأمق لو خدت الشمال براكبٍ ... في عرضه لأناخ وهي طليح
الأمق: الطويل. وأراد به هاهنا: المفازة الواسعة. والطليح: الناقة المعيبة. وخدت: أي حدت وجرت، وأناخ: فعل الراكب.
يقول: رب مهمةٍ طويل لو جرت في عرضه الريح الشمال براكب عليها، لأناخ الراكب، وهي: يعني الشمال معيبة فإذا كان المركوب ريحًا هذا حالها في العرض، فما ظنك بسائر المركوبات بالطول؟ لأن عرض كل شيء دون طوله. وروى: في عرضه. أي جانبه.
نازعته قلص الركاب وركبها ... خوف الهلاك حداهم التسبيح
الهاء في نازعته: للأمق، ومعناه: جاذبته؛ لأنه أراد أن يهلك الركاب، وأردت أن أنجو بها، وحداهم: ممدود إلا أنه قصر للضرورة.
يقول: نازعت هذا الأمق أبكار الإبل، في حالة كان حداء الراكبين فيها من خوف الهلاك والضلال التسبيح لله تعالى، وخوف الهلاك: نصب لأنه مفعولٌ له.
لولا الأمير مساور بن محمدٍ ... ما جشمت خطرًا ورد نصيح
التاء في جشمت: لقلص الركاب.
يقول: لولا الممدوح ما جشمت قلص الركاب الأبكار، أمرًا مهولًا، وما رد الناصح الذي ينهى عن ركوب، مثل هذه المهلكة.
ومتى ونت وأبو المظفر أمها ... فأتاح لي ولها الحمام متيح
يقول: متى فترت هذه القلص، ومقصودها الممدوح، فأتاح لي: أي قدر لي ولها، الحمام: أي الموت متيح: وهو الله تعالى.
شمنا وما حجب السماء بروقه ... وحرىً يجود وما مرته الريح
يقول: هو السحاب شمنا بروقه في حال ما لم يحجب السماء، بخلاف سائر السحب، إذ المعهود من البرق أن يحجب السماء بالغيم، وهو حقيق بأن يجود من غير أن تمر به الرياح، أي تحلبه كما تحلب السحاب وتقديره؛ شمنا بروقه وما حجب السماء.
مرجو منفعةٍ مخوف أذيةٍ ... مغبوق كأس محامدٍ مصبوح
يقول: هو مرجو محامدٍ يسيرها إلى أوليائه، ومخوف أذيه يحلها بأعدائه، وقد صبح كأس المحامد وغبق، فهو محمود أبدًا.
1 / 57