حنقٌ على بدر اللجين وما أتت ... بإساءةٍ وعن المسيء صفوح
يقول: إنه حنقٌ على بدر الفضة؛ لكثرة تفريقه إياها من غير ذنب وإساءة منها، وهو مع ذلك يعفو عن المسيء المذنب.
لو فرق الكرم المفرق ماله ... في الناس لم يك في الزمان شحيح
فاعل فرق ضمير الممدوح، والكرم مفعوله، والمفرق: صفة الكرم. وماله: نصب بالمفرق، الذي هو الفاعل من فرق. وروى: لو فرق الكرم المفرق ماله على ما لم يسم فاعله فيرفع ما بعده إلا ماله فإنه منصوب.
يقول: لو أنه فرق كرمه، الذي يفرق ماله على الناس لم يكن في الزمان بخيل. يعني: أنه يعم الناس بره حتى لا يبخل أحدٌ بشيء من المال.
ألغت مسامعه الملام وغادرت ... سمةً على أنف اللئام تلوح
ألغت: أي ألقت وقد روى ذلك أيضًا. وقيل معناه: جعلت الملام لغوًا أي باطلًا. فمعناه: أبطلت.
يقول: إن مسامعه أبطلت ملام اللائمين له، على إعطائه وغادرت الملام سمة لائحة على أنوف اللئام. وروى على أنف اللئام. يعني أنه لوى به أنوفهم.
هذا الذي خلت القرون وذكره ... وحديثه في كتبها مشروح
التأنيث في كتبها: للقرون.
يقول: هذا الممدوح هو الذي ذكره في كتب القرون الماضية، مشروح منزلٌ منزلة الأنبياء؛ من تقدم البشارة بهم، وكان الوجه أن يقول: وذكره وحديثه مشروحان، ولكن لما كان معناهما واحد، اقتصر على واحد.
ألبابنا بجماله مبهورةٌ ... وسحابنا بنواله مفضوح
مبهورة: أي مغلوبةٌ مدهوشة.
يقول: عقولنا بجماله مغلوبة مدهوشة، والحاب بعطائه مفضوح لقصور نيله من نيله.
يغشى الطعان فلا يرد قناته ... مكسورةً ومن الكماة صحيح
الواو في قوله: ومن الكماة للحال.
يقول: إنه يرد للمطاعنة فلا يرد رمحه مكسورًا إلا بد ألا يبقى من الشجعان صحيح.
وعلى التراب من الدماء مجاسدٌ ... وعلى السماء من العجاج مسوح
المجاسد: جمع مجسدة، وهو الثوب الذي يلي الجسد، وهو أيضًا الثوب المصبوغ بالجساد: وهو الزعفران. يقول يغشى الطعان وتراب الأرض قد غشي بثيابٍ من الدماء، وعلى الجو من الغبار مسوح سود.
فشبه التراب المختلط بالدم: بالثياب المصبوغة بالزعفران. وشبه الغبار الكثيف: بالمسوح السود.
يخطو القتيل إلى القتيل أمامه ... رب الجواد وخلفه المبطوح
يقول رب الجواد: وهو الممدوح، يخطو من قتيل إلى قتيل آخر أمامه وخلفه مبطوح، حين طعنه فتخطاه.
فمقيل حب محبه فرحٌ به ... ومقيل غيظ عدوه مقروح
يقول: قلب محبه وهو مقيل الحب، فرد به غيظ عدوه، أي قلب عدوه بالغيظ الذي فيه مجروح.
يخفي العداوة وهي غير خفيةٍ ... نظر العدو بما أسر تبوح
يخفي: فعل العدو.
يقول: يخفي عدوه العداوة عنه؛ لخوفه منه، وهي لا تخفى عليه لذكائه، وفطنته. وقوله: نظر العدو بما أسر تبوح يحتمل أن يريد به: نظر الدو إليه نظرًا شزرًا، يظهر ما أسره في قلبه من العداوة. فيكون المصدر مضافًا إلى فاعله.
ويحتمل أن يريد: أنه إن نظر إلى العدو يبوح بسره؛ لأنه إذا نظر إليه يعرف ما في قلبه، ويكون المصدر مضافًا إلى المفعول.
يا ابن الذي ما ضم بردٌ كابنه ... شرفًا ولا كالجد ضم ضريح
يقول: يا ابن الذي لم يضم البرد شرفًا وحياءً، والابن: هو الممدوح، ولا ضم القبر كجده ميتًا.
نفديك من سيل إذا سئل الندى ... هولٍ إذا اختلطا دمٌ ومسيح
المسيح: العرق.
يقول نفديك: من رجلٍ يشبه السيل إذا سئل السخاء، وهو هول؛ إذا اختلطا دمٌ وعرقٌ في القتال. وفي قوله: اختلطا دم ومسيح: أورد الاثنين قبل الذكر، أورده مورد قولهم: أكلوني البراغيث.
لو كنت بحرًا لم يكن لك ساحلٌ ... أو كنت غيثًا ضاق عنك اللوح
يقول: لو كنت بحرًا كنت بلا شطٍّ ونهاية، أو كنت غيثًا ضاق عنك الهواء لكثرته. والأوجه أن يقول: لم يك له وضاق عنه ولكنه أسنده إلى كنت.
وخشيت منك على البلاد وأهلها ... ما كان أنذر قوم نوح نوح
عجزٌ بحرٍّ فاقةٌ ووراءه ... رزق الإله وبابك المفتوح
البيت الأول: معناه ظاهر.
يقول بعده: عجزٌ بالحر الذي به فقر مع أن قدامه رزق الله تعالى، وبابك المفتوح بالسخاء.
إن القريض شجٍ بعطفي عائذٌ ... من أن يكون سواءك الممدوح
1 / 58