يقول: هؤلاء العواذل، رأين المرأة التي في لحظاتها للسحر سيوف، ظباها حمرٌ أبدًا من دمي لأنها تقتلني بها.
تناهى سكون الحسن في حركاتها ... فليس لرائي وجهها لم يمت عذر
يقول: سكون الحسن تناهي في حركاتها يعني: أنها إذا تحركت سكن الحسن في حركاتها، فتكون حركاتها مسكنًا للحسن، فلا يفارق الحسن حركاتها، فمن رآها في حسنها وجمالها ولم يمت، فليس له عذر في حكم العشق!
إليك ابن يحى ابن الوليد تجاوزت ... بي البيد عنسٌ لحمها والدم الشعر
العنس: الناقة الصلبة القوية.
يقول: تجاوزت بي إليك في المفاوز ناقةٌ قويةٌ، لحمها ودمها الشعر الذي مدحتك به فكنت أحييها بإنشادي لها مدحكم، صيانةً لها من الهزال، لما علمت أنها إذا وصلت إليك وصلت إلى مرادها.
نضحت بذكراكم حرارة قلبها ... فسارت وطول الأرض في عينها شبر
النضح: الرش.
يقول: رششت على الناقة فبردت بمدحكم والشعر فيكم حرارة قلبها، فنشطت وأسرعت في السير واستقصرت تلك المفاوز البعيدة، حتى كأن طول الأرض في عينها شبر؛ لاشتياقها إليك.
إلى ليث حربٍ يلحم الليث سيفه ... وبحر ندىً في موجه يغرق البحر
يقال: ألحمت فلانًا عرض فلانٍ، إذا جعلته يتناوله. وأراد هاهنا: تمكين السيف من لحم الليث.
يقول: سارت هذه الناقة إلى ليث حربٍ، يلحم سيفه الأسد، أي يمكن سيفه من لحم الأسد، وإلى بحر سخاء، يغرق البحر في موجه، ففضله بذلك على البحر.
وإن كان يبقى جوده من تليده ... شبيهًا بما يبقي من العاشق الهجر
يقول: إنه بحرٌ إن كان يبقي جوده من ماله شيء، يبقي مقدار ما يبقي من العاشق الهجر، لأنه لا يبقى منه إلا القليل، فكذلك هذا الممدوح لا يبقى من ماله إلا ذلاك القدر.
فتىً كل يوم يحتوي نفس ماله ... رماح المعالي لا الردينية السمر
الردينية: الرماح المنسوبة إلى ردينة، وهي امرأة كانت تعمل الرماح، وزوجها: السمهر، وكان هو كذلك يعمل الرماح وإليه تنسب السمهرية.
يقول: يسلب أمواله كل يوم رماح المعالي، لا الرماح الحقيقية: التي هي الردينية السمر. يعني: أنه فرقها على سؤاله وعفاته.
تباعد ما بين السحاب وبينه ... فنائلها قطرٌ ونائله غمر
التأنيث: للسحاب لأنه أراد به الجماعة.
يقول: بعيدٌ ما بين السحاب وبينه؛ لأن نائل السحاب قطرٌ، ونائله غمر كثير.
ولو تنزل الدنيا على حكم كفه ... لأصبحت الدنيا وأكثرها نزر
يقول: لو كان أمر الدنيا إليه، لوهبها، وصار أكثرها في جنب هباته قليلًا؛ لأن كفه لا نهاية لها، فكل كثير عندها قليل.
أراه صغيرًا قدرها عظم قدره ... فما لعظيمٍ قدره عنده قدر
يعني: عظم قدره أراه صغيرًا قدر الدنيا، فليس لشيءٍ عظيم القدر قدرٌ عنده لعظم قدره وعلو همته.
متى ما يشر نحو السماء بوجهه ... تخر له الشعرى وينكسف البدر
تخر: جزم لأنه جزاء الشرط، وهو: متى ما يشر وفتحه لاجتماع الساكنين، وينكسف نصب عطفًا عليه.
يقول: إن الممدوح متى نظر إلى السماء وأشار بوجهه إليها خرت له الشعرى وانكسف البدر: إما لهيبته، وإما خجلًا من نوره، وخص الشعرى لأن قومًا عبدوها، فبين أنها مع ذلك تسجد له، وخص البدر لكثرة ضوئه ولأنه كان معبودًا للقوم.
ترى القمر الأرضي والملك الذي ... له الملك بعد الله والمجد والذكر
ترى: يجوز أن يكون فعل الشعرى، وأراد: ترى أيها المخاطب القمر الأرضي، وهو الملك الذي له المجد والذكر بعد الله ﷿.
كثير سهاد العين من غير علةٍ ... يؤرقه فيما يشرفه الفكر
يقول: هو كثير السهاد، ثم قال: من غير علة، لصنعته في الشعر. ولما بين في قوله: يؤرقه الفكر فيما يكسبه الشرف، فلهذا يسهد كثيرًا.
له مننٌ تفنى الثناء كأنما ... به أقسمت ألا يؤدى لها شكر
الكناية في به: للمدوح.
يقول: له نعم تفنى الثناء للعجز عن الإحاطة بها، كأنما أقسمت المنن بهذا للمدوح ألا يؤدي لها الشكر.
أبا أحمدٍ ما الفخر إلا لأهله ... وما لامرىءٍ لم يمس من بحتر فخر
يقول: يا أبا أحمد، أنت أهل الفخر، فما الفخر إلا لأهله، وما لرجلٍ من غير قبيلتك فخر، وأنت منهم، فكأن الفخر جميعه لك.
1 / 54