يقول: إنها بيضاء ناعمة يمنعها دلها أن تتكلم من تيهها وتكبرها.
لما وجدت دواء دائي عندها ... هانت علي صفات جالينوسا
يقول: لما وجدت لدائي الذي هو الهوى الدواء عند المحبوبة وهو الوصل هانت عندي صفات جالينوس في طبه. ومثله للأخوص:
وكنت إذا سقمت بأرض سعدى ... شفائي من سقامي أن أراها
أبقى زريقٌ للثغور محمدًا ... أبقى نفيسٌ للنفيس نفيسًا
يقول: أبقى أبو زريق ابنه محمدًا للثغور، أبقى نفيسٌ: وهو الثغر. نفيسًا: وهو محمد.
إن حل فارقت الخزائن ماله ... أو سار فارقت الجسوم الروسا
روى الروسا: بالألف واللام غير مهموزة، وروى رءوسًا من غير ألف ولام، فيكون مهموزًا، وهو الأصل، والأولى التخفيف.
يقول: إن حل هذا الممدوح بموضعٍ أو بمقر غرةً فارقت خزائنه: أي ماله. لتفريقه إياه على السؤال وغيرهم. وإذا سار فارقت جسوم أعدائه رءوسها؛ لقتله إياهم، فلا يسير إلا للمقاتلة. فوصفه بالسخاء والشجاعة.
ملكٌ إذا عاديت نفسك عاده ... ورضيت أوحش ما كرهت أنيسا
يقول: هو ملك، إذا عاديت أيها الإنسان نفسك، تعاده! وكذلك إذا رضيت أن يكون أنيسك أوحش ما تكرهه، يعني: إن لم يقتلك ويقتصر على الحبس، كنت راضيًا بذلك؛ والسجن أوحش ما كرهه الإنسان. وقيل: أراد به الموت؛ لأنه أوحش ما كرهه الإنسان.
الخائض الغمرات غير مدافعٍ ... والشمري المجعن الدعيسا
الخائض وما بعده: نصب على المدح. كأنه قال: أعني أو أذكر أو أمدح. والشمري: المشمر. وقيل: هو في هذا الموضع فارس شمر وهو فارس معروف. والدعيس: الطعان الذي يطعن في موضعٍ مرتين.
يقول: هو ملك يخوض الشدائد، ولا يدافع عنها، وهو الطعان الحاذق بالطعن والفارس المشمر الخفيف في الحرب.
كشفت جمهرة العباد فلم أجد ... إلا مسودًا جنبه مرءوسا
جمهرة العباد: جماعتهم. وقيل: أكثرهم. والمسود: الذي ساده غيره.
والمرءوس: الذي رأسه غيره. وقوله: جنبه. نصب على الظرف. يعني: في جنبه. وبالإضافة إليه.
يقول: فتشت جماعات العباد، فلم أجد بينهم بالإضافة إلى الممدوح إلا مسودًا أو مرءوسًا، فكل رئيس في جنبه مرءوس، وكل سيد مسود؛ لأنه سيد السادات، ورئيس الرءوساء.
بشرٌ تصور غايةً في آيةٍ ... تنفي الظنون وتفسد التقييسا
يقول: إنه إنسان، بلغ الغاية من المكرمات، حتى صار فيها آيةً معجزة، بحيث تنفي تلك الآية والدلالة الظنون، فلا تحيط به الظنون وتفسد قياس من يقاس إليه من الناس، فلا يمكن قياس أحد إليه.
وقيل: إن الظنون من الظنة: وهي التهمة. والمعنى: أنه لما صار آية في المكرمات، تنكر الناس فيه، أنه بشر! لما رأوه بهذه الصفة، فنفى هذه التهمة عنهم، وهي أن يتهم بما لا يليق به، كما نسب إلى السيد المسيح، فهو ينفي ذلك عن نفسه ويفسده قياس الناس في ذلك.
وبه يضن على البرية لا بها ... وعليه منها لا عليها يوسى
التذكير: للمدوح. والتأنيث: للبرية. ويوسي: من آسيت على الشيء. أي حزنت عليه. وتقديره: وبه يضن بالبرية عليه، وعليه يوسي من البرية، ولا يوسي عليها منه.
يقول يضن: أي يبخل به على الخلق، ولا يبخل بالخلق عليه، أي يجعل الناس فداء له، ولا يجعل فداء لهم. ويقال: إنه خير من البرية كلهم، وهم دونه، والشيء يبخل به ولا يبذل بما دونه، أو يوحش البرية في رضاه، ولا يوحش هو لرضى البرية.
أو يقال: يتهم البرية به فلا يوثق بالبرية، ولا يتهم هو من البرية. وقوله: وعليه منها أي عليه يوسى أي يحزن، ومنها أي من البرية إذا هلك أو أصابه مكروه، لا عليها يحزن إذا هلكت. والمعنى: أنه يبخل به على البرية، ولا يبخل بهم عليه؛ لأنهم لا يسدون مسده. ويجوز أن يريد يحزن عليه لكونه من البرية، ولأنه أشرف منها، فإذا عد منها فقد يخرجه، فيحزن عليه لذلك، ولا يحزن على البرية لكونه منها، وإنه يرفعها ويشرفها، فكونه منها يضعه ويرفعها فيحزن عليه ولا يحزن عليها بسببه.
لو كان ذو القرنين أعمل رأيه ... لما أتى الظلمات صرن شموسا
أو كان صادف رأس عازر سيفه ... في يوم معركةٍ لأعيا عيسى
1 / 50