يقول: لو كان ما زعموا! فإن في جود كفيك لي رجاءٌ أن تعفو عني، وتجود بنفسي وتترك قتلها، على عظم ذنبي، ولو كنت في ذنبٍ عظيم. أشقى ثمود: الذي عقر ناقة صالح ﵇. واسمه قدار بن سالف.
وقال إجابة لمعاذ الصيدواني وهو يعذله على تهوره:
أيا عبد الإله معاذ إني ... خفيٌّ عنك في الهيجا مقامي
هو: أبو عبد الله معاذ الصيدواني، وضم معاذ على نكرة الندا كأنه يقول: أيا عبد الله. يا معاذ. وكان معاذ هذا يلومه على تعرضه للحروب في الأسفار. فقال له: إنه خفي عنك مقامي في الحروب واستقلالي بها، وارتقائي إلى معالي الأمور.
ذكرت جسيم ما طلبي وأنا ... نخاطر فيه بالمهج الجسام
يقول: ذكرت عظيم ما أطلبه من الأمور، وأنا نخاطر في جسيم ما تطلبه، بالمهج والأرواح العظام، ولم تعرف أنا لا نبال باللوم والملام.
أمثلي تأخذ النكبات منه ... ويجزع من ملاقاة الحمام؟
يقول: أمثلي تتناول النكبات منه، وتؤثر فيه! وهل أجزع من ملاقاة الموت؟ حتى تعذلني على بذل نفسي.
ولو برز الزمان إلي شخصًا ... لخضب شعر مفرقه حسامي
يقول: لا أبالي بنكبات الزمان، فإنه لو برز إلي وكان شخصًا لضربته بسيفي، وخضبت شعر وسط رأسه بدمه. والمفرق: وسط الرأس.
وما بلغت مشيتها الليالي ... ولا سارت وفي يدها زمامي
اليد والزمام: استعارة.
يقول: ما بلغت أني أطيعها، ولا يمكنها أن تؤثر في.
إذا امتلأت عيون الخيل مني ... فويلٌ في التيقظ والمنام
يقول: إذا رأتني الخيل. يعني: أهلها. وأراد هاهنا محبها أي الفرسان ملء أعينها، فويلٌ لهم في حالتي التيقظ والمنام؛ لأنهم إذا رأوا خيالي في المنام، يذهب نومهم خوفًا مني، وإذا تعرضت لهم في اليقظة أقتلهم وأصله من قول الشاعر:
على عدوك يابن عم محمدٍ ... رصدان ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدى ... سلت عليه سيوفك الأحلام
وقال لرجل بلغه عن قوم كلامًا فيه:
أنا عين المسود الجحجاح ... هيجتني كلابكم بالنباح
يقال: هذا عين الشيء. أي نفسه، وخالصه. والمسود: هو المتفق على سيادته. والجحجاح: السيد. وروى: هيجتني: أي حركتني، وأغضبتني. وهجنتني: نسبتني إلى الهجنة والعار.
يقول: أنا عين المدعو سيدًا، غير أن كلابكم: أي خساسكم من الشعراء وغيرهم نسبتني إلى الهجنة أو حركتني وأغضبتني بالنباح، أي بأشعارهم أو بكذبهم علي وتعيرهم لي فكأنه جعلهم كلابًا.
أيكون الهجان غير هجانٍ ... أم يكون الصراح غير صراح
الهجان: الكريم، الخالص. والهجين: ضده. والصراح: الخالص.
يقول: أنا هجانٌ كريم، والهجان هجانٌ أبدًا، وإن دعي هجينًا، والخالص خالصٌ، وإن نسب إلى ضده، ويحتمل أن يكون غير الكريم في معنى الهجين، فيكون صفةً للطاعنين فيه. ومعناه: أن من يكون غير كريم فلا يكون كريمًا وإن دعي كريمًا. يعني: أعداءه، ومن يكون خالصًا فلا يكون غير خالص. وأراد به نفسه.
جهلوني وإن عمرت قليلًا ... نسبتني لهم رءوس الرماح
يقول: جهلوا قدري ونسبي، ولو عشت قليلًا عرفت إليهم نفسي حتى تنسبني إليهم رءوس الرماح فيعرفونني بطعني لهم بها.
وقال أيضًا ارتجالًا وقد سئل الشرب ففضل معاطاة الحراب على معاطاة الشراب:
ألذ من المدام الخندريس ... وأحلى من معاطاة الكئوس
المدام: الخمر. سمي به لأنها أديم في الدن. والخندريس: هي الخمر العتيقة من أعوام.
معاطاة الصفائح والعوالي ... وإقحامي خميسًا في خميس
الصفائح: جمع الصفيحة، وهي السيف العريض. والعوالي: رءوس الرماح. والخميس: العسكر.
يقول: ألذ من شرب الخمر العتيقة ومناولة الكئوس، مناولة السيوف والرماح، وسقى الدماء من الجراح، وإدخال جيش في جيش، كل ذلك ألذ وأحلى عندي من شرب الخمر العتيقة.
فموتي في الوغى عيشي لأني ... رأيت العيش في أرب النفوس
لما فضل الحرب على الشرب بين علة التفضيل.
فقال: موتي في الحرب عيش في الحقيقة لبقاء الذكر الجميل؛ لأني رأيت العيش وكماله في حاجات النفوس، وحاجتي حصول عيش الأبد، وذلك في الموت لبقاء الذكر الجميل بعدي.
1 / 47