طيىء: قبيلة. وقحطان بن هود: أصل بعض العرب والهاء، في له: للثمر. وفي لها: لطيىء، والتأنيث لأجل القبيلة، ويجوز أن يكون التأنيث راجعًا إلى الفروع، وروى: له. والتذكير يرجع إلى اللفظ. لأن طيئًا لا تأنيث في لفظه، شبهه بالثمر الحلو، لأن في الثمار حامضًا ومرًا، ثم جعل أباه غصنًا من شجر طيب فروعه طيىء، وأصله قحطان بن هود.
إلى سيدٍ لو بشر الله أمةً ... بغير نبيٍّ بشرتنا به الرسل
يقول: وأشكو إلى سيد لو بشر الله أمةً بمن هو غير نبي، لبشرتنا رسل الله تعالى بهذا الممدوح، قبل وجوده، كما بشر الرسل عن الله تعالى بنبينا ﷺ. إلا أن العادة لم تجر بالبشارة، بغير الأنبياء ﵈.
إلى القابض الأرواح والضيغم الذي ... تحدث عن وقفاته الخيل والرجل
وروى القانص الأرواح: وهو الصائد، وروى: عن وقفاته ووقعاته.
يقول: إلى الذي يقبض الأرواح في الحروب، وإلى الأسد الذي يتحدث عن وقعاته في الحروب الخيل. أي: أصحابها، والرجل: جميع الراجل.
إلى رب مالٍ كلما شت شمله ... تجمع في تشتيته للعلي شمل
شت: أي تفرق، وتجمع: أي اجتمع.
يقول: أشكو إلى صاحب مالٍ كلما تفرق شمل المال يبذله، تجمع عنده للمعالي شمل، فيكون تفريقه له سببًا لاجتماع المعالي عنده، ومثله لأبي تمام:
وليس بيانٌ للعلي خلق امرىء ... وإن جل إلا وهو للمال هادم
همامٌ إذا ما فارق الغمد سيفه ... وعاينته لم تدر أيهما النصل
يقول: هو كبير الهمة، يشبه السيف في مضائه وشدته، وبشاشة وجهه كصقالة السيف، فإذا فارق السيف غمده تشك فيهما حتى لا تعرف أيهما السيف وهو كقول أبي تمام:
يمددن بالبيض القواضب أيديًا ... فهن سواء والسيوف القواطع
رأيت ابن أم الموت لو أن بأسه ... فشابين أهل الأرض لانقطع النسل
أراد بابن أم الموت: أخاه، يعني: أخا الموت.
يقول: رأيت الممدوح أخا الموت، فلو أن بأسه وشدة قوته شاع بين أهل الأرض لانقطع النسل: أي نسل الخلق، لأنه يفنيهم ببأسه، ولأنهم يخافونه ولا يدنو ذكرٌ من أنثى فينقطع النسل.
على سابحٍ موج المنايا بنحره ... غداةً كأن النبل في صدره وبل
على فرسٍ سابحٍ موج المنايا بنحره: أي نحر الفرس في الغداة التي ترى فيها النبل متواترًا إلى صدره كأنه وبل: أي مطر. يعني: أن السهام لا تؤثر في صدر هذا الفرس، كما لا يؤثر فيه قطر الماء، وقيل: إن الهاء في صدره للممدوحن يعني: أن فرسه يلتقي موج الموت بنحره، وأن الممدوح يوم الحرية يلتقي السهام بنحره، فلا يبالي كأنها عنده قطر المطر.
وكم عين قرنٍ حدقت لنزاله ... فلم تغض إلا والسنان لها كحل
حدقت: أي أحدقت النظر إليه، والنزال: المنازلة، وهي المحاربة نازلًا.
يقول: وكم عين مقارنٍ له: محارب، أحدت النظر إليه للمنازلة، فلم تغض إلا وصار سنان الرمح كحلًا لها. يعني: أنه جعل السنان لها موضع الكحل.
إذا قيل: رفقًا! قال: للحلم موضعٌ ... وحلم الفتى في غير موضعه جهل
رفقًا: نصب بفعل مضمر، أي ارفق رفقًا، أو استعمل رفقًا.
يقول: إذا قيل له في الحرب: ارفق! قال: للحلم موضع، وليس هذا موضعه. وحلم المرء في غير موضعه جهل. ومنه قول الآخر:
يناشدني حاميم والرمح شاجرٌ ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم
ولولا تولى نفسه حمل حلمه ... عن الأرض لانهدت وناء بها الحمل
حمل حلمه: مفتوح لأنه مصدر، والحمل في آخره بكسر الحاء لأنه اسم.
يقول: لولا الممدوح تولى حمل حلمه عن الأرض لانهدت الأرض من ثقل حلمه، وأثقلها الحمل، فجعل الحلم أعظم من الأرض؛ وهو مبالغة عظيمة.
تباعدت الآمال عن كل مقصدٍ ... وضاق بها، إلا إلى بابه السبل
الهاء في بها: للآمال، وفي بابه: للمدوح.
يقول: لم يبق في الدنيا جوادٌ يقصد بالأمل سوى هذا الممدوح، فبعدت الآمال عن كل مقصد، وضاق بالأمل السبل من جميع الجوانب، إلا بابه، فهو المقصود إليه في الحوائج والآمال.
ونادى الندى بالنائمين عن السرى ... فأسمعهم: هبوا فقد هلك البخل
الندى: رفع لأنه فاعل نادى، والسرى: سير الليل.
يقول: نادى العطاء بالذين ناموا عن السرى، لعدم الأسخياء الكرام، وغلبة البخلاء اللئام، ونبههم.
1 / 39