============================================================
ماطاب لكم من النسآء} أي : الطيبة منهن ، وعليه فما هنا نظير الآية ؛ لأن من صفات من يعقل الحمل المذكور في قوله : (حملت قبل) أي: قبل آمنة، ومر آن بينهما نحو ست مئة سنة، أمه (مريم) بنت عمران الصديقة بنص القرآن، قيل: هي من ذرية سليمان بن داوود عليهما السلام، بينها وبينه أربعة وعشرون آبأ، وفي الصحيح: "خير نسائها مزيم "(1) ولذا فضلت على جميع النساء ؛ للخلاف في نبوتها وإن كان شاذا، ولما رفع عيسى صلى الله عليه وسلم للسماء. كان سنها ثلاثا وخمسين سنة، وبقيت بعد ذلك خمس سنين أو ستأ كما قال الجلال السيوطي، قال أيضا : ولما رفع إلى السماء.. تعلقت به آمه وبكت، فقال لها: إن القيامة تجمعنا (العذراء) أي: البكر؛ لأنها لم تتزوج، والعذرة : البكارة، وحملها بعيسى عليه الصلاة والسلام إنما هو من نفخ جبريل عليه الصلاة والسلام في جيب درعها، فحملت به ووضعته من وقتها على الأشهر، كرامة لها ومعجزة له صلى الله عليه ولم وخصه بهذا مع تصريحه قبل بأنه أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ لأنه ينزل من السماء على منارة جامع بني أمية البيضاء شرقي دمشق كما رواه مسلم(2) في آخر هذه الأمة، ويقتل الدجال والخنزير، ويبطل الجزية، فربما يتوهم من ذلك مع باهر معجزاته وولادته من غير آب وإن كان لنبينا عليه الصلاة والسلام ما هو مثلها أو أبهر منها كما يأتي. أنه الخاتم الأفضل، فنفى ذلك على الوجه الأكمل، ونزوله عليه الصلاة والسلام إنما هو بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومنها : أن الجزية لا تقبل بعد نزوله؛ لانتفاء ما لهم من نوع شبهة تمسك بكتاب بتكذيبه لهم فيكون من أتباعه، ولأجل ذلك يصلي وراء المهدي أولا، ثم يتقدم بعد؛ إعلاما بأنه عليه الصلاة والسلام لم ينزل مستقلا، بل تابعا مؤيدا حاكما بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولخبر البخاري : " أنا أؤلى الناس بأبن مزيم في الذنيا والآخرة ، ليس بثني وبينه نبئ"(3) ، وبه يرد على من قال : كان بينهما خالد بن سنان نبي أصحاب الرس، ولخبر (1) البخاري (3434)، مسلم (2430) (2) مسلم (2937) (3) البخاري (3442).
পৃষ্ঠা ৬১