ما خلى الله بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك، وخلي بينك وبين نفسك، ولو عصمك ووفقك لما وجد الذنب إليك سبيلا، فقد أجمع العارفون بالله على أن الخذلان: أن يكلك الله إلى نفسك ويخلي بينك وبينه، والتوفيق أن لا يكلك إلى نفسك.
إلهي
لم يكن ما كان مني استهانة بحقك، ولا جهلا بك، ولا إنكارا لاطلاعك، ولا استهانة بوعيدك، وإنما كان من غلبة الهوى، وضعف القوة عن مقاومة مرض الشهوة وطمعا في مغفرتك واتكالا على عفوك، وحسن ظن بك، ورجاء لكرمك، وطمعا في سعة حلمك ورحمتك، وغرني بك الغرور والنفس الأمارة بالسوء وبسترك المرخي علي، وأعانني جهلي ولا سبيل إلى الاعتصام إلا بك، ولا معونة على طاعتك إلا بتوفيقك.
اتهم توبتك
يقول ابن القيم: يجب أن يخاف العبد أن توبته لم تقبل، وأنه لم يبذل جهده في صحتها وأنها توبة علة، وأنه لا يشعر بها كتوبة أرباب الحوائج، أو أنه تاب محافظة على حاله فتاب للحال، لا خوفا من ذي الجلال، أو أنه تاب للراحة من الكد في تحصيل الذنب أو اتقاء ما يخافه على عرضه وماله ومنصبه، أو لضعف داعي المعصية في قلبه، وخمود نار شهوته، أو لمنافاة المعصية لما يطلبه من العلم والرزق، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في كون التوبة خوفا من الله، وتعظيما لحرماته، وإجلالا له، وخشية من سقوط المنزلة عنده.
ومن اتهام التوبة أيضا ضعف العزيمة، والتفات القلب إلى الذنب الفينة بعد الفينة، وتذكر حلاوة مواقعته. ومن اتهام التوبة طمأنينته ووثوقه من نفسه بأنه قد تاب حتى كأنه أعطي منشورا بالأمان. ومن علاماتها جمود العين واستمرار الغفلة، وأن ما يستحدث بعد التوبة أعمالا صالحة لم تكن له قبل الخطيئة.
علامات التوبة المقبولة
- أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها.
- أنه لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين؛ فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه: {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30].
পৃষ্ঠা ২৪