(قصص تربوية من حياة الأنبياء والصحابة والتابعين والصالحين)
الجزء الأول
إعداد
ياسر عبد الرحمنموسوعة الأخلاق والزهد والرقائق ¶ (قصص تربوية من حياة الأنبياء والصحابة والتابعين والصالحين) ¶ الجزء الأول ¶ إعداد ¶ ياسر عبد الرحمن
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى للناشر
1428 ه - 2007 م
رقم الإيداع: 24181/ 2006
الترقيم الدولي: I.S.B.N
8-006-441-977
مركز السلام للتجهيز الفني
عبد الحميد عمر
0106962647
مؤسسة اقرأ
للنشر والتوزيع والترجمة
10 ش أحمد عمارة - بجوار حديقة الفسطاط
القاهرة ت: 5326610 محمول: 0102327302 - 0101175447
WWW.Iqraakotob.com
Email:[email protected]
পৃষ্ঠা ২
إهداء
إلى كل من علمني حرفا من القرآن
وأرشدني إلى طريق الإيمان
إلى أمي التي سهرت على راحتي
إلى أبي الذي تعب في ترييتي
إلى زوجتي التي ساعدتني
إلى ابنتي واسأل الله أن يبارك فيها
إلى كل من كان له فضل علي
পৃষ্ঠা ৩
ياسر عبد الرحمن بسم الله الرحمن الرحيم
পৃষ্ঠা ৪
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (1)} [النساء: 1].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما (71)} [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وضح النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإيمان القوي يلد الخلق القوي حتما، وأن انهيار الأخلاق مرده إلى ضعف الإيمان، فالرجل الذي يؤذي جيرانه يحكم الله عليه حكما قاسيا فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا والله لا يؤمن، لا والله لا يؤمن، لا والله لا يؤمن قالوا: من ذاك يا رسول الله؟ قال: جار لا يأمن جاره بوائقه، قيل: وما بوائقه، قال:
পৃষ্ঠা ৫
شره" [رواه أحمد]، ويعلم الرسول أصحابه الإعراض عن اللغو فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" [رواه البخاري].
على أن المنتسبين للإسلام يستسهلون أداء العبادات المطلوبة، ولكنهم يعملون أعمالا يأباها الخلق القويم، وفي هذا ورد حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها! قال: "هى في النار" ثم قال: يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط (الأثوار جمع ثور وهو القطعة من الأقط وهو اللبن المجفف) ولا تؤذي جيرانها بلسانها قال: "هى في الجنة" [أرواه أحمد].
ولقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوما فقال: "أتدرون من المفلس؟ ".
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" [رواه مسلم].
ودائرة الأخلاق تشمل الجميع، فقد ذبحت شاة لابن عمر فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟
والهدف من كتابة هذه الموسوعة هو مواجهة التدهور الأخلاقي الموجود في المجتمع.
يقول محمد الغزالي: العبادات التي شرعت في الإسلام ليست طقوسا مبهمة بل هي تمارين متكررة؛ لتعود المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة، فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها.
والزكاة المفروضة ليست ضريبة، ولكنها غرس لمشاعر الحنان والرأفة لقوله تعالى:
পৃষ্ঠা ৬
{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103]، ومن أجل ذلك وسع النبي - صلى الله عليه وسلم - في دلالة كلمة الصدقة فقال - صلى الله عليه وسلم - "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة، وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" [رواه الترمذي].
وكذلك شرع الإسلام الصوم؛ فلم ينظر أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة، بل حرمان النفس من شهواتها المحظورة؛ ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" [رواه البخاري]، والقرآن الكريم يذكر ثمرة الصوم بقوله: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183].
وقد يحسب الإنسان أن الحج مجرد رحلة بعيدة عن المعاني الحقيقية، وهذا خطأ، والله تعالى يقول: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197].
وهذه الموسوعة تحتوي على مجموعة من الأخلاق والصفات متضمنة القصص التربوية، وقمت بمراعاة الآتي في الموسوعة:
- قمت بالتعليق بعد معظم القصص بسؤال أو نصيحة أو توجيه تربوي لننتقل من ميدان القول إلى ميدان العمل، فليس الهدف من الموسوعة سرد القصص فحسب بل الالتزام بالمفاهيم التربوية والأخلاق الإسلامية.
- الإكثار من القصص لما لها من تأثير على النفوس، ونجد أن كثيرا من الناس يتأثر بالقصص أكثر من الموعظة المجردة، فالهدف هو اكتساب الأخلاق، فإذا تحققت فيك هذه الصفة فاحمد الله، وإن لم تتحقق فجاهد نفسك في الالتزام بها، واستعن بالله ثم بإخوانك، ولا تتعجل في الانتقال إلى الصفة الثانية حتى تتحقق الأولى، وليس شرطا قراءة الموسوعة من أولها، بل انظر إلى الصفة التي تجد فيها تقصيرا في نفسك، واجتهد في الالتزام بها.
يفضل قراءة صفة واحدة يوميا أو أسبوعيا مع نفسك وأهلك وإخوانك وأبنائك، وابحث كيف تتحقق فينا هذه الصفة عمليا من خلال التوجيهات التربوية، وليكن شعارنا هذا الأسبوع مثلا "الصدق" أو "الأمانة".
ننبه أن ما سيأتي من كلام ونصائح وإرشادات وتوجيهات ستبقى حبرا على ورق ما لم تتقل إلى حيز التنفيذ، وتدخل عالم الواقع.
পৃষ্ঠা ৭
ولا تنس أخي الحبيب الدعاء لمن كتب هذا الكتاب المتواضع بأن يكون هذا الجهد في ميزان حسناته، وأن يتقبله منا خالصا لوجهه الكريم، ونسعد بتقديم ملاحظاتكم للاستفادة منها.
وسيجد القارئ بعض القصص قد تكررت في أكثر من صفة رأينا الإبقاء عليها لأهميتها ودلالتها، وهي مع ذلك قليلة العدد لا تكاد تلاحظ.
هذا هو جهد المقل، إن يكن خيرا فلله الحمد والفضل، فما تحرك قلمي إلا بإذنه، ولا تحرك فكري إلا برزقه، وما جمعت ورتبت إلا بعونه.
وأعتذر عما قد يكون في هذا العمل من نقص، بما قال العماد الأصفهاني: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل استيلاء النقص على جملة البشر".
وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم وأنساه، وأعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى بي في النار، وهذا الجهد نسأل الله أن يتقبله وأن يجزي خيرا كل من عمل فيه أو ساهم في نشره.
والله نسأل أن ينفع به كل من قرأه واطلع عليه، وأن ينفعنا بنصيحته ويفيدنا برأيه.
***
পৃষ্ঠা ৮
الإخلاص
لقد أثبتت الأيام أننا في حاجة إلى إخلاص الأعمال لله تبارك وتعالى، وكان صحابة الني - صلى الله عليه وسلم - يحرصون على إخلاص أعمالهم لربهم، ويجددون نياتهم في كل وقت وحين، ومن ظن أن في إخلاصه إخلاصا فإخلاصه يحتاج إلى إخلاص، ولذا لابد أن يراقب كل منا نيته: ماذا أريد بأكلتي؟ ماذا أريد بكلمتي؟ فإن أراد بها وجه الله أمضاها وإلا تركها ثم جدد نيته.
وقد وردت الآيات والأحاديث التي تحض على الإخلاص نذكر منها قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5].
وقوله تعالى: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين } [الزمر: 11].
وقوله تعالى: {فاعبد الله مخلصا له الدين} [الزمر: 2]، إلى غير ذلك من الآيات.
ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المشهور "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرله إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" [متفق عليه].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" [متفق عليه].
وسئل الني - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -:" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" [متفق عليه].
قال أبو عثمان: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط.
قال الفضيل: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
পৃষ্ঠা ৯
فقد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم.
فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء، قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} [الفرقان: 23].
قال بعض السلف: رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية.
وقال بعض العارفين: إني أستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي إلى الخلاء.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بشيء من اللهو فيكون ذلك عونا لي على الحق، وقال علي كرم الله وجهه: روحوا القلوب فإنها إذا أكرهت عميت.
ولقد كان معروف الكرخي -رحمه الله تعالى- يضرب نفسه ويقول: يا نفسي أخلصي تتخلصي.
وقال يعقوب المكفوف: المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
وقال سليمان: طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى.
وكتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعري: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس وكتب بعض الأولياء إلى أخ له: أخلص النية في أعمالك يكفك القليل من العمل.
وقال أيوب السختياني: تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال.
عشرة لا ينتفع بها:
يقول ابن القيم: عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها:
علم لا يعمل به.
وعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء.
ومال لا ينفق منه فلا يستمتع به جامعه في الدنيا ولا يقدمه أمامه في الآخرة.
وقلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأنس به.
وبدن معطل من طاعته وخدمته.
পৃষ্ঠা ১০
ومحبة لا تتقيد برضاء المحبوب وامتثال أوامره.
ووقت معطل عن استدراك فارط أو اغتنام به وقربة.
وفكر يجول فيما لا ينفع.
وخدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ولا تعود عليك بصلاح دنياك.
وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وهو أسير في قبضته، ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
وأعظم هذه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء، والله المستعان.
من مظاهر الإخلاص:
إخفاء الطاعات:
قال رجل لتميم الداري: ما صلاتك بالليل؟ فغضب غضبا شديدا، ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في سر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس.
وعن أبي بكر المروزي قال: كنت مع أبي عبد الله (يعني الإمام أحمد) نحوا من أربعة أشهر، فكان لا يدع قيام الليل، وقراءة النهار، فما علمت بختمة ختمها .. كان يسر ذلك.
صاحب النقب:
حاصر مسلمة بن عبد الملك حصنا فندب الناس إلى نقب منه، فما دخله أحد حتى جاء رجل من عرض الجيش فدخله وعالج الباب فكسره، ففتحه الله عليهم. فنادى مسلمة على صحب النقب، فما جاء أحد، قال: فليدخل على ساعة يأتي.
فأتى رجل فقال للحاجب: استأذن لي على الأمير.
فقال: أنت صاحب النقب؟ قال: أنا أخبركم عنه.
পৃষ্ঠা ১১
فأتى مسلمة فأخبره الحاجب فأذن له فقال له: إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثا.
- ألا تسودوا اسمه في صحيفة الخليفة.
- ولا تأمروا له بشيء.
- ولا تسألوه من هو.
فقال مسلمة: نعم، فمن هو؟ قال الرجل: أنا هو. ثم اختفى.
فكان مسلمة لا يصلي صلاة إلا قال: اللهم اجعلني مع صاحب النقب.
ويقول عمرو بن العاص: ركعة بالليل خير من عشر بالنهار.
ويروي أن إبراهيم النخعي كان إذا دخل عليه رجل وهو يقرأ في المصحف غطاه.
الخوف من الشهرة:
قال إبراهيم بن أدهم: ما قرت عيني يوما في الدنيا قط، إلا مرة واحدة: بت ليلة في بعض مساجد قرى الشام، وكان بي البطن (مغص)، فجاء المؤذن وجرني برجلي حتى أخرجني من المسجد.
وإنما قرت عينه لأن الرجل لم يعرفه، ولذا عامله بعنف، وجره من رجله كأنه مجرم، وهو الذي ترك الإمارة والثروة لله تعالى.
وقال سليم بن حنطلة: بينما نحن حول أبي بن كعب نمشي خلفه، إذ رآه عمر فعلاه بالدرة، فقال: انظر يا أمير المؤمنين ما تصنع؟ فقال عمر: إن هذه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع. وهي لفتة عمرية نفيسة إلى ما قد تحدثه هذه المظاهر البسيطة في بدايتها من عواقب وآثار بعيدة الغور في نفسية الجماهير التابعة، والقادة المتبوعين.
وعن الحسن قال: خرج ابن مسعود يوما من منزله فاتبعه ناس، فالتفت إليهم، فقال: علام تتبعوني؟ فوالله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان.
وخرج أبو أيوب السختياني في سفر، فشيعه ناس كثيرون فقال: لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز وجل.
পৃষ্ঠা ১২
ولا يفهم من هذه الآثار الدعوة إلى الانطوائية والعزلة، فإن الذين رويت عنهم إنما هم أئمة ودعاة مصلحون. والشهرة في ذاتها ليست مذمومة، ولكن المذموم هو طلب الشهرة والزعامة والجاه والحرص عليها.
ويقول الجنيد: إن لله عبادا عقلوا، فلما عقلوا عملوا، فلما عملوا أخلصوا، فاستدعاهم الإخلاص إلى أبواب البر أجمع. وقال بشر الحافي: ما اتقى الله من أحب الشهرة.
ويقول أبو حامد الغزالي في باب محاسبة النفس: (ولعلك يا نفس أسكرك حب الجاه ... أو ما تتفكرين أن الجاه لا معنى له إلا ميل القلب من بعض الناس إليك، فاحسبي أن كل من على وجه الأرض سجد لك أو أطاعك، أفما تعرفين أنه بعد خمسين سنة لا تبقين أنت، ولا أحد ممن على وجه الأرض ممن عبدك وسجد لك؟ وسيأتي زمان لا يبقى ذكرك، ولا ذكر من ذكرك، كما أتى على الملوك الذين كانوا من قبلك".
ويقول وهيب بن الورد: خالطت الناس خمسين سنة، فما وجدت رجلا غفر لي ذنبا فيما بيني وبينه، ولا وصلني إذا قطعته، ولا ستر علي عورة، ولا أمنته إذا غضب، فالاشتغال بهؤلاء حمق كبير.
وقال الشافعي: من طلب الرياسة فرت منه، وإذا تصدر الحدث فاته علم كثير (¬1).
فإذا قلت: أي شهرة تزيد على شهرة الأنبياء والخلفاء الراشدين وأئمة العلماء! فكيف فاتهم فضيلة الخمول؟ فاعلم أن المذموم طلب الشهرة، فأما وجودها من جهة الله سبحانه من غير تكلف من العبد فليس بمذموم. نعم فيه فتنة على الضعفاء دون الأقوياء، وهم كالغريق الضعيف إذا كان معه جماعة من الغرقى، فالأولى به أن لا يعرفه أحد منهم فإنهم يتعلقون به، فيضعف عنهم فيهلك معهم، وأما القوي فالأولى أن يعرفه الغرقى ليتعلقوا به فينجيهم ويثاب على ذلك.
وقال ابن مسعود: كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء وتخفون في أهل الأرض.
পৃষ্ঠা ১৩
اتهام النفس:
عن كنانة بن جبلة السلمي قال: قال بكر بن عبد الله: إذا رأيت من هو أكبر منك، فقل: هذا سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل: سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني.
وعن يونس قال: سمعت محمد بن واسع يقول: لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني، من نتن ريحي.
وقال مالك بن دينار: والله لو وقف ملك بباب المسجد وقال: يخرج شر من في السجد، لبادرتكم إليه.
وقال أيضا: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو؟ قال: معرفة الله عز وجل.
وقال له رجل: يا مرائي، قال: متى عرفت اسمي؟ ما عرف اسمي غيرك.
وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: مات سفيان الثوري عندي، فلم اشتد به جعل يبكي، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، ما أراك كثير الذنوب؟ فرفع سفيان شيئا من الأرض، فقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا، إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت.
وها هو الإمام ابن الجوزي يبكي عند الموت فيقول له تلاميذه: يا إمام ألست قد فعلت كذا وكذا؟ فقال: والله إنني أخشى أن أكون فرطت ونافقت فيحق علي قوله تعالى: {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (47) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (48)} [الزمر: 47 - 48].
سوء خاتمة المرائي:
قال منصور بن عمار رحمه الله: كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب، وكنت أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أياما، فقيل لي: هو مريض.
পৃষ্ঠা ১৪
فأتيت إلى داره فخرجت إلى ابنته فقالت: من تريد؟ قلت: فلانا، فاستأذنت لي، ثم دخلت فوجدته في وسط الدار، وهو مضطجع على فراشه، وقد اسود وجهه، وأذرفت عيناه، وغلظت شفتاه، فقلت له وأنا خائف منه: يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله ففتح عينيه فنظر إلي شزرا، وغشي عليه، فقلت له ثانيا: يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله، ثم ثالثا، ففتح عينيه وقال: يا أخي منصور، هذه كلمة قد حيل بيني وبينها فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم قلت له: يا أخي، أين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام؟
فقال : كان ذلك لغير الله، وكانت توبتي كاذبة، إنما كنت أفعل ذلك ليقال عني وأذكر به، وكنت أفعل ذلك رياء للناس، فإذا خلوت إلى نفسي أغلقت الباب وأرخيت الستور، وشربت الخمور، وبارزت ربي بالمعاصي، ودمت على ذلك مدة فأصابني المرض، وأشرفت على الهلاك.
الفرق بين النسيجين:
لما أخذ دود القز ينسج الحرير أقبلت العنكبوت تتشبه وتنسج ثم نسجت وقالت: يا دودة القز لك نسج ولي نسج، ولا فرق بين النسيجين، قالت دودة القز: نسجي أردية الملوك، ونسجك شبكة الذباب، وعند مس النسيجين يتبين الفرق.
قد يتصدق اثنان: الأول بدينار واحد، والثاني بمائة دينار. ويكون الأول أسبق من الثاني وأعلى منزلة. وقد يصلي رجل ركعتين والثاني الليل كله، ويكون الأول أسبق من الثاني وأعلى منزلة فالعبرة إذن ليست بكثرة العمل ولكن بالإخلاص وعلو الهمة.
يقول الغزالي: "فالكيس يقطع من المسافة بصحة العزيمة، وعلو الهمة، وتجريد القصد، وصحة النية، مع العمل القليل أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك، مع التعب الكثير، والسفر الشاق، فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتطيب السير والتقدم، والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم، وصدق الرغبة، والعزيمة، فيتقدم صاحب الهمة مع سكون صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله".
ولا يفهم من ذلك الاقتصار في العبادة، ولكن يجب الزيادة في العمل مع الإخلاص.
ستبعث وحدك:
يقول بعض الحكماء: خرجت من بطن أمي وحدي، ودخلت إلى قبري وحدي، وأحاسب بين يدي الله تعالى وحدي، فمالي والناس؟.
পৃষ্ঠা ১৫
ويقول ابن الجوزي: واشوقاه إلى أرباب الإخلاص، واتوقاه إلى رؤية تلك الأشخاص. إني لأحضر ذكركم فأغيب وإني وقتي بتذكركم ليطيب.
ويقول عمر بن الخطاب: لو أن الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها أوتيها رجل واحد ثم جاءه الموت، لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ، فإذا ليس في يده شيء.
الإخلاص مسك:
يقول ابن الجوزي: الإخلاص مسك مصون في مسك القلب تنبه ريحه على حامله، العمل صورة والإخلاص روح، المخلص يعد طاعته لاحتقاره لها عرضا وقلم القبول قد أثبتها في الجوهر خالصا ... وعمل المرائي بصلة كلها قشور، المرائي يحشو جراب العمل رملا فيثقله ولا ينفعه، ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب، وما يخفى المرائي على مسانح الفطن.
وذات يوم قرأ عمر بن عبد العزيز قوله تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} [يونس: 61] فبكى بكاء شديدا حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة، فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائهما، فجاء عبد الملك فدخل عليهم وهم على تلك الحالة يبكون، فقال: يا أبتاه ... ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه، والله يا بني لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
وقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} [النساء: 123]، فكل سوء عملناه جزينا به؟!
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غفر الله لك يا أبا بكر، قالها ثلاثا: يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تنصب؟ ألست يصيبك الأذى؟ ألست تصيبك اللأواء" (الشدة) قلت: نعم، قال: فما تجزون به في الدنيا" رواه أحمد.
পৃষ্ঠা ১৬
وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فمن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه (الترمذي).
وعن ثابت البناني قال: قال مطرف بن عبد الله: ما مدحني أحد قط إلا تصاغرت إلى نفسي.
وعن ثابت عن مطرف قال: لأن يسألني ربي عز وجل يوم القيامة فيقول: يا مطرف ألا فعلت؟ أحب إلي من قوله لم فعلت؟ وعنه قال أيضا بعرفة: اللهم لا ترد الجميع من أجلي؟
وصلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة الفجر، ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح، وقد علاه كآبة، فقال: لقد رأيت أصحاب محمد فلم أر اليوم شيئا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا، صفرا، غبرا، بين أعينهم أمثال ركب المعزى، وقد باتوا لله سجدا وقياما، يتلون كتاب الله، فإذا أصبحوا ذكروا الله، وتمادوا كما تميد الشجرة في يوم الريح، وهملت أعينهم بالدموع حتى تبل ثيابهم، والله لكأني بالقوم قد باتوا غافلين، ثم قام فما رئى بعد ذلك ضاحكا حتى كان مقتله، - رضي الله عنه - وأرضاه.
الإخلاص لربك:
يقول ابن الجوزي: عجبت لمن يتصنع للناس بالزهد يرجو بذلك قربه من قلوبهم، وينسى أن قلوبهم بيد من يعمل له، فإن رضي عمله ورآه خالصا لفت القلوب إليه، وإن لم يره خالصا أعرض بها عنه، ومتى نظر العامل إلى التفات القلوب إليه فقد زاحم الشرك؛ لأنه يبتغي أن يقنع بنظر من يعمل له. ومن ضرورة الإخلاص ألا يقصد التفات القلوب إليه، فذاك يحصل لا بقصده بل بكراهته، لذلك وليعلم الإنسان أن أعماله كلها يعلمها الخلق جملة، وإن لم يطلعوا عليها، فالقلوب تشهد للصالح بالصلاح، وإن لم يشاهد منه ذلك، فأما من يقصد رؤية الخلق بعمله فقد مضى العمل ضائعا، لأنه غير مقبول عند الخالق، ولا عند الخلق، لأن قلوبهم قد التفتت عنه، فقد ضاع العمل وذهب العمر.
***
পৃষ্ঠা ১৭
التوبة
التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أولها: الإقلاع عن المعصية.
ثانيها: أن يندم على فعلها.
ثالثها: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف ونحوه طلب عفوه.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} [التحريم: 8]. وقال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31]، ويقول تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [طه: 82].
وقال تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} [الحجرات: 11].
انتبه
يقول ابن الجوزي: يا من عمره كلما زاد نقص، يا مائلا إلى الدنيا هل سلمت من النقص؟ يا مفرطا في عمره هل بادرت الفرص؟ يا من إذا ارتقى في منهاج الهدى ثم لاح له الهدى نكص، من لك يوم الحشر عند نشر القصص؟ عجبا لنفس أمست بالليل هاجعة، نسيت أهوال يوم الواقعة، ولأن تقر وعظها فتصغي لها سامعة، ثم تعود الزواجر عنها ضائعة، والنفوس غدت في كرم الكريم طامعة، وليست لها في حال من الأحوال طائعة، والأقدام سعت في الهوى في طرق شاسعة، بعد أن وضحت من الهدى سبل واسعة، والهمم شرعت في مشارع الهوى متنازعة، لم تكن مواعظ للعقول لها نافعة، وقلوب تضمر التوبة إذا فزعت بزواجر رادعة، ثم تعود إلى ما لا يحل مرارا متتابعة.
পৃষ্ঠা ১৮
عباد الله
تدبروا العواقب واحذروا قوة المناقب، اخشوا عقوبة المعاقب، وخافوا سلب السالب، فإنه والله طالب غالب، أين الذين قعدوا في طلب المنى وقاموا، وداروا على دار الرحيل وحاموا؟ ما أقل ما لبثوا وما أوفى ما أقاموا! لقد وبخوا في نفوسهم في قعر قبورهم على ما أسلفوا ولاموا.
عتاب
يا من بأقذار الخطايا قد تلطخ، وبآهات البلايا قد تضمخ، يا من سمع كلام من لام ووبخ، يعقد عقد التوبة حتى إذا أمسي يفسخ، يا مطبقا لسانه والملك يحصي وينسخ، يا من طير الهوى في صدره عشش وفرخ، كم أباد الموت ملوكا كالجبال الشمخ، كم أزعج قواعد كانت في الكبر ترسخ، وأسكنهم ظلم اللحود ومن ورائهم برزخ، يا من قلبه من بدنه بالذنوب أوسخ، يا مبارزا بالعظائم أتأمن أن يخسف بك أو تمسخ!!
استيقظ من نومك
أما والله لو علم الأنام ... لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لقد خلقوا لأمر لو رأته ... عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
موت ثم قبر ثم حشر ... وتوبيخ وأهوال عظام
ليوم الحشر قد عملت رجال ... فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا ... كأهل الكهف أيقاظ نيام
أيها العبد
لا شيء أعز عليك من عمرك وأنت تضيعه، ولا عدو لك كالشيطان وأنت تطيعه، ولا أضر من موافقة نفسك وأنت تصافيها، ولا بضاعة سوى ساعات السلامة وأنت تسرف فيها لقد مضى من عمرك الأطايب يا حاضر البدن والقلب غائب، اجتماع العيب والشيب من المصائب، أين البكا لخوف العظيم الطالب.
পৃষ্ঠা ১৯
وقفة مع النفس
كيف ترجو النجاة وتلهو بأسر الملاعب، إذا أتتك الأماني بظن كاذب، الموت صعب شديد مر المشارب، يلقى شره بكأس صدور الكتائب، فانظر لنفسك وانتظر قدوم الغائب، يأتي بقهر ويرمي بسهم صائب، يا آملا أن تبقى سليما من النوائب.
يا معرضا
ابن آدم كي تظن أعمالك مشيدة، وأنت تعلم أنها مكيدة؟ وكيف تترك معاملة المولى وأنت تعلم أنها مفيدة؟ وكيف تقصر في زادك وقد تحققت أن الطريق بعيدة؟ يا معرضا عنا إلى متى هذا الإعراض؟ يا غافلا عن الموت والعمر لا شك في انقراض.
أين من سبقك؟
أين من حصن الحصون المشيدة واحترس، وعمر الحدائق فبالغ وغرس، نصب لنفسه سري العز وجلس، وبلغ المنتهى ورأى الملتمس، وظن في نفسه البقاء ولكن خاب الظن في النفس، أزعجه والله هادم اللذات واختلس، ونازله بالقهر فأنزله عن الفرس، ووجه به إلى دار البلاء فانطمس، وتركه في ظلام ظلمة من الجهل والدنس، فالعاقل من أباد أيامه فإن العواقب في خلس.
القطار يسير
يا من يرحل في كل يوم مرحلة، وكتابه قد حوى حتى الخردلة، ما ينتفع بالنذير والنذر متصلة، ولا يصغى إلى ناصح وقد عذله، ودروعه مخرقة والسهام مرسلة، نور الهدى قد بدا ولكن ما رآه ولا تأمله، وهو يؤمل البقاء ويرى مصير من قد أمله، قد انعكف بعد الشيب على العيب، كن كيف شئت فبين يديك الحساب والزلزلة، ونعم جلدك فلابد للديدان أن تأكله، فيا عجبا من فتور مؤمن موقن بالجزاء والمسألة استيقن.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستغفر
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" [رواه البخاري].
পৃষ্ঠা ২০
الله يفرح بك
عن أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" [رواه مسلم].
الله ينادي عليك
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى يبسط بده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" [رواه مسلم].
التوبة واجبة على الدوام
فإن الإنسان لا يخلو من معصية، ولو خلا عن معاصي بالجوارح لم يخل عن الهم بالذنب بقلبه، فإن خلا عن ذلك لم يخل عن وساوس الشيطان بإيراد الخواطر المذهلة عن ذكر الله، ولو خلا عنه لم يخل عن غفلة وقصور في العلم بالله وصفاته وأفعاله، وكل ذلك نقص ولا يسلم أحد من هذا النقص حتى تقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.
احذر استصغار الذنب
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذبابة وقعت على أنفه.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر إن كنا لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات" [رواه البخاري].
وقال بلال بن سعد: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
لا تفرح بالصغيرة وتجهر بها
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل أمتى معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه" [رواه مسلم].
পৃষ্ঠা ২১