فإن قال: ما قلت بتعطيل الحد الواجب، كما فعله بنو اسرائيل، لأن الحدود إذا وجبت لم يكن غيرها، ولا يحل اغرام المال فيها، بل يجب على من ولاه الله إقامتها. وإنما أقول بذلك فيما لم يجب فيه الحد، لعدم ثبوت ما يجب به. أو قال: إنما نقول بالمال زيادة على الحد المشروع. وقد صرح المملي بهذا، والتزمه في بعض مراجعاته: لابد منه.
فالجواب: إنه أن أراد ذلك، وجب عليه أن يبين الموضع الذي يريد أن شرع بالمصلحة فيه (9=188/ب) الردع، ولايطلق في موضع التقييد، ولا يعمم في محل التخصيص.
فان قيل: اعتمد في التقييد على المتعارف المعتاد.
قلت: هو يعلم وغيره أن المعتاد بذلك غير منضبط ، بل الأمر عندنا من يباشر ذلك في ازدياد، لايقال: اعتمد على ما عرف الشريعة من أن تعطيل الحدود غير جائز. قلنا: واقعات الوجود الخارجي لا تتغير بالتعارف من الشريعة، وهو قد أجرى على المصلحة المرسلة العقوبة بالمال المشتهرة بقوله في مفتتح كلامه: مال يعاقب به الجاني، وهي مسألة مشهورة بالعقوبة بالمال(¬1). وفي آخره قال: ينبغي أن يجري على المصالح المرسلة. فما هذا ممن أنصف واتقى، إلا تصريح بالاجتهاد في الأمر الخارجي المعتاد.
قال: إباحته من المصلحة. ثم هذا ليس بالذي ينجيه، فإن الجهة التي تعلق الذم بها، الاجتهاد في موضع النص، وهذا قدر مشترك، سواء جعل أخذ المال من الجناة زائد على الحد أو بدل، مع أن الزيادة فيها تعد الحدود الله، "ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"(¬2).
فان قال: أنا لا أقول بإغرام المال إذا ثبت موجب الحد بوجه، وإنما أقول به إذا لم يثبت، وأرجع عما اقتضى ثم ظاهر الكلام، لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل.
পৃষ্ঠা ১০২