قال أحمد بن يحيى عليهما السلام: هذا قول لا يجوز ولا يصح في صفة الله تبارك وتعالى، لأنه يقول في كتابه: { ليس كمثله شيء } . وفي هذه الآية كفاية، لأن من صفة الخلق أن الله عز وجل جعل منه ساكنا ومتحركا، وحيا ومميتا، وجمادا وحيوانا، وناطقا وصامتا، وداخلا وخارجان ومنقطعا وليس بذهب منه شيء إلا فقد ونقص معناه، وليس يجوز على الله جل ثناؤه معنى شيء، وذلك إن جميع ما عددت لك مخلوق، والله عز وجل خلاف ذلك.
ومن الحجة أن الموصوف بتلك الصفة لا يكون فردا أبدا، لأنك تعلم أن الساكن وسكونه، والمتحرك وحركته، والحي وحياته، والميت وموته، والخارج وخروجه، والداخل ودخوله، وعلى مثل ذلك سيجري ما ذكرنا لك، والله تبارك وتعالى بريء من شبه ذلك عز وكرم وتقدس ذو السلطان العظيم.
وأعلم أن الله جل ثناؤه خلق الحواس الخمس، وهي السمع والبصر والشم والذوق واللمس للحار والبارد، واللين والخشن، وما أشبه ذلك مما تدركه الحواس الخمس، ولا يجوز أن يطلق إلى الله عز وجل منه، لأن السمع إنما سمع صوتا فحدث له منه علم بالأصوات، وكذل البصر إنما رأى شخصا فحصل له علم الأشخاص، وكذلك الأنف إنما شم ريحا فحدق له علم الأرواح، وكذلك الفم إنما ذاق فحدث له علم بما ذاق من حلو أو مر، وكذلك اليد إنما لمست فحدث له علم بالمحسوسات، والله عز وجل الخالق لذلك كله، والمصور له، والمستغني عنه، والله تبارك وتعالى خلق الإنسان لا يعلم شيئا حتى إذا استفاد المعارف والعلوم وكل ما وصفنا، وذلك قوله في كتابه: { والله آخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } . فإذا كان الله عز وجل لا يشبه شيئا من جميع خلقه فهم من أن يشبه أفعال خلقه أبعد وأجل، فتعال الله أن يشبه المخلوقين أو في شيء من جميع المعاني كلها علوا كبيرا.
পৃষ্ঠা ৪৪