وروى داود بن أبي هند «1» قال: سمعت الحسن يقول: «كل شيء بقضاء الله وقدره إلا المعاصي»، ورسالاته الى عبد الملك مشهورة. وذكر أن الحجاج كتب الى الحسن: «بلغنا عنك في القدر شيء، فاكتب إلينا». فكتب إليه رسالة طويلة، نحن نذكر أطرافا منها قوله: «سلام عليك أما بعد، فإن الامير أصبح فى قليل من كثير مضوا، والقليل من اهل الخير مغفول عنهم، وقد أدركنا السلف الذين قاموا لأمر الله، واستنوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يبطلوا حقا، ولا الحقوا بالرب تعالى إلا ما لحق بنفسه، ولا يحتجون الا ما يحتج الله تعالى به على خلقه، وقوله الحق: «وما خلقت الجن والإنس. إلا ليعبدون «2»» ولم يخلقهم لأمر ثم حال بينهم وبينه، لأنه تعالى ليس بظلام للعبيد، ولم يكن أحد في السلف يذكر ذلك، ولا يجادل فيه، لأنهم كانوا على أمر واحد، وإنما أحدثنا الكلام فيه لما أحدث الناس النكرة له، فلما أحدث المحدثون في دينهم ما أحدثوه، أحدث الله للمتمسكين بكتابه ما يبطلون به المحدثات ويحذرون به من المهلكات، ومنها قوله: «فافهم أيها الأمير ما أقوله: «فإن ما ينهى الله عنه فليس منه، لأنه لا يرضى ما يسخطه من العباد، لأنه تعالى يقول: «ولا يرضى لعباده الكفر «3» فلو كان الكفر من قضائه وقدره، لرضي عمن عمله» ومنها قوله: «ولو كان الأمر كما قال المخطئون، لما كان للمتقدم حمد فيما عمل، ولا على متأخر لوم، ولقال تعالى (جزاء بما عملت بهم)، ولم يقل: «جزاء بما كانوا يعملون» «1». ومنها قوله: إن أهل الجهل قالوا: «فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء» «2»، ولو نظروا إلى ما قبل الآية وبعدها، لتبين لهم أن الله تعالى لا يضل إلا بتقدم الفسق، والكفر، لقوله تعالى «ويضل الله الظالمين» أى يحكم بضلالهم، وقال «فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم، وما يضل به إلا الفاسقين «3»»، قلت: وسيأتي الخلاف بين أصحابنا فى جواز سلب اللطف عقوبة، و؟؟؟ لكلام يوسم جوازه، كقول الزمخشرى والحاكم والامام المنصور بالله ومنها قوله: «واعلم أيها الأمير! أن المخالفين لكتاب الله وعدله يعولون «4» في أمر دينهم بزعمهم على القضاء والقدر، ثم لا يرضون في أمر دنياهم إلا بالاجتهاد والبحث والطلب والأخذ بالحزم فيه، ولا يعولون في أكثر دنياهم على القضاء والقدر». ومنها قوله محتجا بقوله تعالى: «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها «5» فلو كان هو الذي دساها لما خيب نفسه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا».
وله مع الحجاج مناظرات، وكان لا يرد عليه أحد، كما يرد الحسن، ولما توفي الحجاج، وبلغه قال: فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين، اللهم كما أمته فأمت عنا سنته.
ومر الحسن بلص يصلب فقال: «ما حملك على هذا؟» فقال : «قضاء الله وقدره» فقال: «كذبت. أيقضي الله عليك أن تسرق، وقضي عليك أن صلب؟».
পৃষ্ঠা ২৭