[12] وأيضا فإن الحيوان الذي يسمى اليراع الذي يطير في الليل فيظهر في سواد الليل كأنه نار تخطف إذا أدركه البصر في ضوء النهار لم ير فيه شيئا من النار التي تظهر في الليل. وكذلك الأصداف والأغشية التي تكون لبعض الحيوانات البحرية التي تظهر في الظلام كأنها نار إذا أدركها البصر في ضوء النهار وأدرك تلك الأصداف وتلك الأغشية لم ير فيها شيئا من النارية. وهذا الفراش يشبه الفراش الذي يطير في الليل حول السراج. فإذا أدرك البصر الفراش الذي بهذه الصفة فإنه ربما شبهه بالفراش الذي يطير حول السراج وليس هو ذلك الفراش. وكذلك الأصداف إذا أدركها في ضوء النهار فإنه يشبهها بالأصداف التي تشبهها التي ليست بنيرة.
[13] وإذا أدرك البصر الجسم النير غير نير وشبهه بغيره من المبصرات الغير نيرة فهو غالط في مائيته. والغلط في مائية المبصر هو غلط في المعرفة. وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي في هذه المبصرات عن عرض الاعتدال إذا ادركت بالنهار بالإفراط في الضوء بالقياس إلى هذه المبصرات. لأن هذه المبصرات إذا كانت في الظلام وفي سواد الليل وفي المواضع التي ليس فيها من الضوء إلا ما يظهر عى وجه الأرض من الضوء اليسير في الليل فإن البصر يدركها نيرة كأنها نار. والضوء المعتدل الذي به تدرك هذه المبصرات هو الضوء الذي فيها فقط. وإن زاد عليه ضوء آخر فاليسير الذي لا يؤثر في ضوئها كمثل الضوء الذي يكون في الليل على وجه الأرض، فإن زاد الضوء على ذلك زيادة بينة خرج الضوء الذي يحصل في هذه المبصرات عن عرض الاعتدال الذي به تدرك ناريتها على ما هي عليه، ولم يظهر ضوؤها الذاتي لإفراط الضوء الذي يشرق عليها. فعلى هذه الصفات التي شرحناها وأمثالها يكون غلط البصر في المعرفة من أجل خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال.
পৃষ্ঠা ৪০৩