[10] وكذلك إذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات وكان المبصر على سهم الشعاع أو خارجا عنه وكان السهم وخطوط الشعاع التي تنتهي إليه مائلة على سطح ذلك المبصر ميلا متفاوتا، وكان في ذلك المبصر نقوش دقيقة أو معان لطيفة، فإن البصر لا يدرك تلك النقوش ولا تلك المعاني اللطيفة ويدرك المبصر ساذجا. لأن المبصر إذا كان مائلا على خطوط الشعاع ميلا متفاوتا فإن صورته تكون مشتبهة غير بينة كما تبين في الفصل المتقدم من هذه المقالة. وإذا لم تكن الصورة بينة لم تظهر المعاني اللطيفة التي تكون فيها، وقد تبين كيف يظهر هذا المعنى بالاعتبار. فإذا أدرك البصر المبصر ساذجا فإنه يشبهه بأمثاله من المبصرات السواذج التي لا نقوش فيها ولامعاني لطيفة، التي تشبه ذلك المبصر في لونه أو شكله أو هيئته أو عظمه أو مجموع ذلك، فيكون غالطا في إدراكه ويكون غلطه في المعرفة، لأنه يشبهه يما يعرفه من المبصرات ويظن أنه قد عرفه. وهذا الغلط هو غلط في نوعية المبصر. وعلة هذا الغلط هو خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر الذي بهذه الصفة إذا كان مواجها للبصر وكانت جميع المعاني الباقية التي فيه التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال، فإن البصر يدرك المعاني اللطيفة التي تكون في ذلك المبصر ويدرك صورة ذلك المبصر إدراكا صحيحا ولا يعرض له الغلط في معرفته. فعلى هذه الصفة وأمثالها يكون غلط البصر في المعرفة من أجل خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال.
[11] فأما غلط البصر في المعرفة من أجل خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال فكالشخص الذي يدركه البصر في الغلس أو في موضع مغدر ولا يتحقق صورته. فإن كان إنسانا وكان الناظر قد ألف في ذلك الموضع إنسانا بعينه فإنه ربما ظن بذلك الشخص الذي رآه في ذلك الموضع أنه ذلك الانسان بعينه الذي يعرفه في ذلك الموضع ولا يكون ذلك الإنسان. وربما شبه الشخص من صورته نفسها بإنسان يعرفه، ولا يكون ذلك الإنسان، إذا لم يتحقق صورته في الحال من أجل ضعف الضوء. وكذلك إذا رأى في موضع مغدر حيوانا غير الإنسان كفرس أو حمار أو غير ذلك من الحيوانات المألوفة فربما شبهه بنظير له قد كان يعهده في ذلك الموضع ولا يكون ذلك الذي شبهه به. وربما شبهه من نفس صورته بغيره ولا يكون ذلك الغير الذي شبهه به. وربما شبه الحيوان الذي يدركه في الموضع المغدر بغيره من الحيوانات التي ليست من نوعه الذي يكون نوعه قريبا من نوعه. وهذا النوع من الغلط يعرض للبصر كثيرا إذا رأى المبصر في الغلس أو في سواد الليل ولم يكن في الموضع ضوء قوي. وهذا الغلط هو غلط في المعرفة، لأن البصر إذا أدرك المبصر على هذه الصفة وشبهه بنظير له من الأشخاص التي يعرفها إما بالشخص وإما بالنوع وظنه ذلك الذي يعرفه فإنه يكون غلطه في شخصية المبصر أو في نوعيته الذي هو غلط في المعرفة. وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال، لأن الشخص الذي يدركه البصر في الموضع المغدر ولا يتحقق صورته إذا أدركه في ضوء قوي لم يعرض له الغلط في معرفته، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال.
পৃষ্ঠা ৪০২