[8] فأما غلط البصر في المعرفة من جل خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر الذي يدركه البصر وهو خارج عن سهم الشعاع وبعيد عنه، ويكون البصر محدقا إلى مبصر آخر، ويكون المبصر الآخر مقابلا لوسط البصر وعلى سهم الشعاع، فإن المبصر المائل عن سهم الشعاع الذي يدركه البصر على هذه الصفة ليس يدركه إدراكا صحيحا. وإذا لم يدركه إدراكا صحيحا فقد يعرض له الغلط في مائيته. وإذا كان ذلك المبصر إنسانا فربما شبهه في الحال بإنسان يعرفه ويظنه ذلك الإنسان بعينه، ولا يكون ذلك الإنسان. وكذلك إذا رأى فرسا فربما شبهه بفرس بعينه يعرفه، ولا يكون ذلك الفرس. وكذلك ربما رأى على هذه الصفة فرسا فظنه حمارا أو رأى حمارا فظنه فرسا إذا كان بعده عن سهم الشعاع بعدا متفاوتا. وكذلك ربما رأى شجرة أو ثمرة أو نباتا أو ثوبا أو آنية فشبه ذلك بما يشبهه في بعض المعاني التي فيه، فربما أصاب وربما أخطأ، لأن المبصر إذا كان خارجا عن سهم الشعاع خروجا متفاوتا فليس يكون بينا، وإذا لم يكن بينا فليس يتحقق البصر صورته ، وإذا لم يتحقق البصر صورته وشبهه مع ذلك ما يشبهه في بعض المعاني التي يدركها منه فربما عرض له الغلط في تشبيهه.
[9] وغلط البصر على هذا الوجه هو غلط في المعرفة. وعلة هذا الغلط هو خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر الذي يغلط البصر في معرفته على هذه الصفة إذا كان على سهم الشعاع ومقابلا لوسط البصر، وكانت المعاني الباقية التي فيه التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال، فإن البصر يدركه إدراكا صحيحا ولا تشتبه عليه صورته.
পৃষ্ঠা ৪০১