وقلت سبيت على ردة .... على الحق والسنة الماضية فهذا فعل صاحب علي عليه السلام أيضا، وأجازه علي عليه السلام وشهده من بقي من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكره أحد منهم فلا وجه لإنكار ما وقع في عصرنا هذا إلا الجهل بالآثار، ومعاندة الأئمة الأخيار سلام الله عليهم، ولم يختلف أحد من أهل العلم في حديث بني ناجية وسبيهم، وبغضتهم لأهل البيت عليهم السلام باقية إلى الآن.
ذكر مصنف أخبار يحيى بن زيد عليه السلام أنه لما أخذ من دار أبي الحوس عمر بن داود الشيباني وحبس أدخل عليه وجوه أهل الضلالة لتبكيته، فكان فيمن دخل عليه بسرخس الحارث بن عبد الله بن الجسوس الجعدي فقال ليحيى: قد عرفت بلادنا، وإضلال العدو علينا، وأنا في نحورهم في أقصى تربة في الإسلام، وكان في نساء أنباط العراق لك ممكن لو أردت ذلك فلا تدخل بلادنا لتروم تفريق جماعتنا. فقال: -يعني يحيى- من هذا؟ قيل: الحارث بن عبد الله. قال: الجعدي؟ قال: نعم. قال: أما إن عداوتكم لنا أهل البيت قديمة. قال: ثم كلمه جهم بن مسعود الناجي بكلام غليظ. فقال يحيى: لا تلامون على بغضنا لأثر أبي الحسن فيكم -يريد عليه السلام سبي علي عليه السلام لبني ناجية- قال: وتكلم معرف بن سحرة الأزدي فقال: أما بلغك أن زوال جبل السر من زوال ملك لم ينقص أكله، ولم يأذن الله في زواله.
قال يحيى عليه السلام: فعسى أن يكون الله قد أذن بذلك، ولا خلاف بين أهل العلم فيما حكينا من سبي علي عليه السلام بني ناجية وقد وردت الآثار بفضل عتق الرقبة والرقاب من ولد إسماعيل، ونحن نروي ذلك وهم صميم العرب، فلولا أن الرق يصح فيهم لما ورد فيه الحديث، فلا معنى لإنكار سبي أهل الردة من العرب.
ولما وصل مصقلة إلى الشام ندم على فراق علي عليه السلام، وكتب إلى أهل العراق شعرا فقال:
يا راكب الأدما سلم خفها .... وغاربها حتى تصل أرض بابل
أتكنى إلى أهل العراق رسالة .... وخص بها أحياء بكر بن وائل
وعم بها عليا ربيعة أنني .... تركت عليا خير حاف وناعل
على غير ذنب غير تارك دينه .... ولا سامع فيه مقالة قائل
ولكنني كنت امرءا من ثقاته .... أقدم في الشورى وأهل الوسائل
فأذنبت ذنبا لم يكن لمقيله .... حليم وقلت الليث لاشك آكلي
পৃষ্ঠা ৫৩