ولا طالب بالشام زيف معيشة .... وما الجوع في أرض العراق بآكلي والأدلة بحمد الله بذلك شاهدة متساندة، يعرفها من له أدنى بسطة في العلم، وجهل الجهال بصحة ما يعرفه أهل العلم لا يكون مانعا من فعله لولا ذلك لعطلت الشرائع، فأكثرها لا تعرفه العوام ولا تدين به، وقد كانت جملة الدين - زاده الله شرفا وجدة -مجهولة عند أكثر الخلق، فلم يمنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إظهاره وإمضائه، والقتال عنه حتى كانوا يتعجبون منه كما حكى الله عنهم من قولهم: ?إن هذا لشيء عجاب?[ص:5]، ولولا ما أخذ الله على أهل العلم من تبيينه لما ألزمنا نفوسنا هذا البيان ولا اشتغلنا بهذا الشأن، ولكان ظهوره يغني عن المبالغة في كشفه ولكن أردنا ذلك ?ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم?[الأنفال:42]، ولجهلهم متى ذكر لهم هذا قالوا: فانظروا إلى كلام الأئمة والعلماء في أهل البغي والسيرة فيهم، ونسي الجهال أن أهل البغي لابد لهم من شرائط:
أحدها: أن يكونوا في الأصل مؤمنين كما قال تعالى: ?وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما?[الحجرات:9] فساوى بينهم في صفات الإيمان.
الثاني: أن يخرجوا على إمام حق.
والثالث: أن يدعوا أنهم أولى بالحق منه.
فأما من يعتقد خصلة أو خصلتين من الكفر فلا يليق به اسم البغي؛ وإنما هو كافر، فلو قالوا: انظروا إلى أحكام الكفار لأخبرناهم: ما هي، وربما قالوا: انظروا إلى قول الأئمة عليهم السلام والعلماء في المرتد، فإنه يستتاب ثلاثا وإلا قتل وقسم ماله بين ورثته، وما حكمه إذا لحق بدار الحرب.
والأئمة عليهم السلام تكلموا في المرتد الذي تكون داره دار الإسلام ثم تظهر ردته، والأحكام جارية عليه؛ فأما لو كانت له شوكة بحيث يظهر كفره واعتقاده بغير ذمة من أحد المسلمين ولا جوار فإن موضع قدميه وداره تكون دار حرب، وإلا فليسألونا لنخبرهم - قطع الله دابرهم، وعجل النصر عليهم وصلى الله على النبي وآله -. وهذا رأينا فيهم لم نكتمه من أول وهلة ولا خفنا إذا ظهر مقت أهل المعرفة.
فأما إنكار الجهال فلا يعتد به العلماء وأهل المعرفة، وقد ذكرنا ذلك في الأشعار من قبل هذا فقلنا في الشعر الرأي:
فإن بدت شوكة منهم فسبيهم .... أحل من شرب ما يهمي من المطر
পৃষ্ঠা ৫৪