"إلى المصلى فمر على النساء"، (مر) يقدَّر بعلى وبالباء، يقال: مررتُ عليه، ومررتُ به.
يعني صلى رسول الله ﵇ صلاة العيد وخلفه الرجال، والنساءُ واقفاتٌ في البعد، فلما فرغ رسول الله ﵇ من الصلاة خطب الرجال ووعظهم، ولم تسمع النساء خطبة رسول الله ﵇ لبُعدهن من موضع رسول الله ﵇، فلما فرغ رسول الله ﵇ من خطبة الرجال أتى النساء ووقف عندهن ووعظهنَّ، ومِن وعظه إياهن قولُه ﵇: "يا معشر النساء تصدقن فإني أُريتكن أكثر أهل النار"، (المعشر): الجماعة، (تصدقن): أمُر مخاطبةِ جماعةٍ من النساء، مِنْ تَصدَّق: إذا أعطى الصدقة.
(أريتكن)، (أُري): إذا أُعلم وأُخبر، وله ثلاثةُ مفاعيل، و(النساء) في (أُريتُ) هو المفعولُ الأول أُقيم مُقامَ الفاعل، و(كنَّ) المفعولُ الثاني، و(أكثرَ أهل النار) هو المفعول الثالث يعني: أُخبرت وأُعلمت بأنكنَّ أكثر أهل النار، يعني: النساء أكثر دخولًا في النار من الرجال، ويأتي بعد هذا علَّةُ كثرة دخولهن في النار.
واعلم أن قوله ﵇: (أريتكن أكثر أهل النار) يريد أنه أراه الله تعالى جهنم ليلة أُسري به، ورأى أكثر أهلها النساءَ، فقال بعض أصحابه: بم يا رسول الله؟ قال: "بكفرهن"، قيل: يكفرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنْتَ إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط".
"فقلن: وبم يا رسول الله؟ "، (وبم) أصله: وبما، (ما) للاستفهام، وإذا دخل حرف الجر على الاستفهام يجوز حذفُ ألفها فحذف ألفها ها هنا، والباء باء السببية؛ يعني: قالت النساء: بأيَّ سببٍ نكون أكثر أهل النار؟