مثل ما كان منه صلى الله عليه في الجد الذي لقيه بالجحفة راجعا من حجة الوداع، فقال: يا رسول الله، إن ابن ابني مات، فمالي (ميراث)(1) من ماله؟ فقال عليه السلام: لك السدس، فلما أن أبعد الشيخ رق عليه رسول الله صلى الله عليه ورحمه، لما بان له من ضعفه وقلة حيلته وكبر سنه، فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لك السدس الآخر، فلما أن مضى الشيخ وأبعد رده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثانية؛ فقال له: إن السدس الثاني مني طعمة لك، فبين صلى الله عليه وآله ما كان منه، وبين ما كان من الله، فلما أن قال: السدس الثاني طعمة مني؛ علمنا أن السدس الأول حكم من الله. فبين صلى الله عليه وآله فعله من فعل الله عز وجل؛ لأن لا يقع على الأمة تخليط في دين الله؛ ولأن يبين(2) لها أحكام ربها، وفعله لكيلا يكون لها عليه في شيء من الدين حجة.
وكذلك كان عليه السلام يفعل في كل ما كان منه من تأديب أمته، وأفعاله فيها، وسياسته لها، يبين فعله من فعل الله، ويخبر بما جاء به عن الله.
وكذلك ما كان من فعله وكراهيته من حمل الحمير على الخيل، وذلك قوله لعلي رحمة الله وصلواته عليهما حين قال: مما تكون هذه البغال؟ فقال: يحمل الحمار على الفرس فيخرج من بينهما بغل، فقال صلى الله عليه: (( إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون )) أو قال: الذين لا يعقلون.
فكره صلى الله عليه وآله وسلم أن تحمل الأشكال إلا على أشكالها، وأن تخلى الفحول إلا على أمثالها. فكان هذا منه كراهية واختيارا،، ولم يكن هذا شيئا مما أتى به(3) من الواحد الجبار.
পৃষ্ঠা ৬৬৭