فإن قيل هل ساق علم الله العباد إلى ما علم الله فلو أن علمه ساقهم إلى
ما عملوا ما استحق المطيع ثوابا إذ هو مجبور ولا العاصي عقابا إذ المجبور لا يستحق على ما جبر شيئا ولم يتعبدهم بعلمه وإنما تعبدهم بالأمر والنهي والاختياري ولو عاملهم على علمه لعذبهم قبل أن يعملوا لعلمه أن لو بسط
لهم الرزق لبغوا في الأرض.
مسألة
[ إرادة الله ]
قال الله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (1) قال بعض
المسلمين المعني في ذلك إلا لآمرهم بعبادتي وقال ابن عباس رضي الله عنه
إلا ليعرفون فمن زعم أن الله تعالى أراد العبادة من جميع خلقه كان في
قياده قوله أنهم فعلوا أخلاق ما أراد الله منهم فغلبت إرادتهم إرادته تعالى
الله وقال تعالى { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا } (2).
مسألة
[ النهي عن المعصية ]
فإن قيل ما معنى النهي عن المعصية وقد أرادها الله وعلمها قلنا لو لم
يكن نهيا ولا أمرا لم تكن معصية ولا طاعة وإنما نهى عن المعصية وقد
أرادها وعلم أنه تكون إذ نهى عنها لأن النهي لو لم يكن معصية لكن لا
فائدة فيه.
مسألة
[ فائدة إرسال الرسل ]
فإن قيل ما فائدة إرسال الرسل إذا كان الله عالما بأن المرسول إليهم لم
يؤمنوا به وهو تعالى أراد منهم الكفر قلنا أراد الله الكفر قبيحا مسخوطا وإرسال الرسل حجة عليهم وليس للعباد على الله حجة وذلك عدل من الله وحكمة بالغة، قال الله تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } (3) .
مسألة
[ قضاء الله سبحانه وتعالى ]
فإن قيل يقضي الله تعالى على العبد بالكفر فيعذبه عليه قلنا إن القضاء هاهنا الخلق لا الجبر فلا يليق بصفات الحكيم أن يجبر على فعل شيء ثم لا
يعذب عليه وكذلك قدر الله عليه الكفر.
مسألة
[ العمل خلاف العلم ]
__________
(1) 1- سورة الذاريات آية 56 .
(2) 2- سورة يونس آية 99 .
(3) 1- سورة الإسراء آية 15 .
পৃষ্ঠা ২৭