فإن قيل كيف يجوز أن يستدل بالشاهد على الغائب قلنا من جهته إن العاقل إذا رأى نارا علم أن كل نار كذلك حكمها، وكذلك كلما شاء كل ذلك.
مسألة
[ لزوم النظر عن طريقين ]
اعلموا أن لزوم النظر فيه والاستدلال على الله تعالى باري الصور من طريقتين من كتاب الله عز وجل ومن حجة العقل أما من كتاب الله تعالى فكقوله { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض } (1) فلم يأمرهم الله
تعالى بنظر العين دون التفكر والاعتبار في المنظور إليه أن له خالقا خلقه وبارئا
أخرجه من العدم وأوجده فإذا علم ذلك علم أن ما سوى الله محدث أحدثه.
وهو الله الذي ليس كمثله شيء وقال تعالى { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق من ربهم } (2) فلم يرد بذلك نظر
العين خاصة فإن قيل فما الدليل على أن الله تعالى شيء قلنا قد دلت الأدلة على أنه موجود ويوحد كل شيء سبحانه وتعالى علوا كبيرا.
مسألة
[ الدليل على أنه شيء لا كالأشياء ]
فإن قيل فما الدليل على أنه شيء لا كالأشياء قيل له إن الأشياء لا يخلو أن يكون يرى بعين أو يحس كالريح وما كان يرى أو يحس فمفتقر للمكان والله تعالى لا يرى ولا يحس ومن لا يتقن الأشياء معدوم.
مسألة
[ لماذا لا يقال بأنه جسم ]
فإن قيل إذا قلتم إنه شيء لم لا تقولون أنه جسم لا كالأجسام ، قلنا لأنه قد يقال جسم أجسم من جسم ولا يقال شيء أشياء من شيء ولأن الجسم يكون طويلا عريضا عميقا. قال تعالى { قل أي شيء أكبر شهادة قل
الله } (3).
مسألة
[ ما قالت الديصانية ]
فقالت الديصانية(4)
__________
(1) 1- سورة يونس آية 101 .
(2) 1- سورة فصلت آية 53 .
(3) 2- سورة النعام آية 19 .
(4) 1- الديصانية : أصحاب ديصان أثبتوا أصلين نورا وظلاما فالنور يفعل الخير قصدا
واختيارا، والظلام يفعل الشر طبعا واضطرارا، فما كان من خير ونفع وطيب
وحسن فمن النور، وما كان من شر وضر ونتن وقبح فمن الظلام، وزعموا أن
النور حي عالم قادر حساس دراك ومنه يكون الحركة والحياة، والظلام ميت
جاهل عاجز جماد جواد لا فعل ولا تمييز... أنظر الملل والنحل للشهرستاني
هامش الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/88.
পৃষ্ঠা ১৪