كنز الفوائد
كنز الفوائد
اللفظ بالبداء في قصة إبراهيم واسماعيل عليهما السلام لانها كشفت لهما عن علم متجدد ظهر لهما كان ظنهما سواه وهو ازالة هذا التكليف بعد تعلقة والنهى عن الذبح بعد الامر به قال افتقول ان الله تعالى اراد الذبح لما أمر به ام لم يرده واعلم انك ان قلت انه لم يرده دخلت في مذاهب المجبرة لقولك ان الله تعالى أمر بما لا يريده وكذلك ان قلت انه اراده دخلت في مذهبهم ايضا من حيث انه نهى عما اراده فما خلاصك من هذا فقلت له هذه شبهة يقرب امرها والجواب عنها لازم لنا جميعا لتصديقنا بالقصة واقرارنا بها وجوابي فيها ان الذبح في الحقيقة هو تفرقة الاجزاء ثم قد تسمى الافعال التي في مقدمات الذبح مثل القصد والاضجاع واخذ الشفرة ووضعها على الحلق ونحو ذلك ذبحا مجازا واتساعا ونظير هذا ان الحاج في الحقيقة هو زائر بيت الله تعالى على منهاج ما قررته الشريعة من الاحرام والطواف والسعي وقد يقال لمن شرع في حوائجه لسفره في حجة من قبل ان يتوجه إليه انه حاج اتساعا ومجازا (فاقول) ان مراد الله تعالى فيما أمر به لخليله إبراهيم عليه السلام من ذبح ولده انما كان مقدمات الذبح من الاعتقاد اولا والقصد ثم الاضطجاع للذبح ترك الشفرة على الحلق وهذه الافعال الشاقة ليس بعدها غير الاتمام بتفرقة اجزاء الحلق وعبر عن ذلك بلفظ الذبح ليصح من إبراهيم عليه السلام الاعتقاد له والصبر على المضض فيه الذي يستحق جزيل الثواب عليه ولو فسر له في الامر المراد على التعيين لما صح منه الاعتقاد للذبح ولا كان ما أمر به شاقا يستحق عليه الثناء والمدح وعظيم الاجر (الذي) نهى الله تعالى عنه هو الذبح في الحقيقة وهو الذي لم يبق غيره ولم تتعلق الارادة قط به فقد صح بهذا ان الله تعالى لم يامر بما لا يريد ولا نهى عما اراد والحمد لله قال الخصم فقد انتهى قولك الى ان الذي امر به غير الذي نهى عنه وليس هذا هو البداء فقلت أما في ابتداء الامر فما ظن إبراهيم عليه السلام إلا ان المراد هو الحقيقة وكذلك كان ظن ولده اسماعيل عليه السلام فلما انكشف بالنهي لهما ما علماه مما كان ظنهما سواه كان ظاهره بداء لمشابهته لحال من يامر بالشئ وينهى عنه بعينه في وقته وليستسلمه على ظاهر الامر دون باطنه فلم يرد على ما ذكرت شيئا وهذا الذي اتفق لي من الكلام في البداء والحمد لله (مسألة) فان قال قائل ما تقولون في الذبيح ومن كان من ولدي إبراهيم صلى الله عليه اكان اسماعيل ام اسحاق عليهما السلام قلنا الذبيح عندنا هو اسماعيل وبهذا يشهد
--- [ 106 ]
পৃষ্ঠা ১০৫