105

اللفظ بالبداء في قصة إبراهيم واسماعيل عليهما السلام لانها كشفت لهما عن علم متجدد ظهر لهما كان ظنهما سواه وهو ازالة هذا التكليف بعد تعلقة والنهى عن الذبح بعد الامر به قال افتقول ان الله تعالى اراد الذبح لما أمر به ام لم يرده واعلم انك ان قلت انه لم يرده دخلت في مذاهب المجبرة لقولك ان الله تعالى أمر بما لا يريده وكذلك ان قلت انه اراده دخلت في مذهبهم ايضا من حيث انه نهى عما اراده فما خلاصك من هذا فقلت له هذه شبهة يقرب امرها والجواب عنها لازم لنا جميعا لتصديقنا بالقصة واقرارنا بها وجوابي فيها ان الذبح في الحقيقة هو تفرقة الاجزاء ثم قد تسمى الافعال التي في مقدمات الذبح مثل القصد والاضجاع واخذ الشفرة ووضعها على الحلق ونحو ذلك ذبحا مجازا واتساعا ونظير هذا ان الحاج في الحقيقة هو زائر بيت الله تعالى على منهاج ما قررته الشريعة من الاحرام والطواف والسعي وقد يقال لمن شرع في حوائجه لسفره في حجة من قبل ان يتوجه إليه انه حاج اتساعا ومجازا (فاقول) ان مراد الله تعالى فيما أمر به لخليله إبراهيم عليه السلام من ذبح ولده انما كان مقدمات الذبح من الاعتقاد اولا والقصد ثم الاضطجاع للذبح ترك الشفرة على الحلق وهذه الافعال الشاقة ليس بعدها غير الاتمام بتفرقة اجزاء الحلق وعبر عن ذلك بلفظ الذبح ليصح من إبراهيم عليه السلام الاعتقاد له والصبر على المضض فيه الذي يستحق جزيل الثواب عليه ولو فسر له في الامر المراد على التعيين لما صح منه الاعتقاد للذبح ولا كان ما أمر به شاقا يستحق عليه الثناء والمدح وعظيم الاجر (الذي) نهى الله تعالى عنه هو الذبح في الحقيقة وهو الذي لم يبق غيره ولم تتعلق الارادة قط به فقد صح بهذا ان الله تعالى لم يامر بما لا يريد ولا نهى عما اراد والحمد لله قال الخصم فقد انتهى قولك الى ان الذي امر به غير الذي نهى عنه وليس هذا هو البداء فقلت أما في ابتداء الامر فما ظن إبراهيم عليه السلام إلا ان المراد هو الحقيقة وكذلك كان ظن ولده اسماعيل عليه السلام فلما انكشف بالنهي لهما ما علماه مما كان ظنهما سواه كان ظاهره بداء لمشابهته لحال من يامر بالشئ وينهى عنه بعينه في وقته وليستسلمه على ظاهر الامر دون باطنه فلم يرد على ما ذكرت شيئا وهذا الذي اتفق لي من الكلام في البداء والحمد لله (مسألة) فان قال قائل ما تقولون في الذبيح ومن كان من ولدي إبراهيم صلى الله عليه اكان اسماعيل ام اسحاق عليهما السلام قلنا الذبيح عندنا هو اسماعيل وبهذا يشهد

--- [ 106 ]

পৃষ্ঠা ১০৫