كنزالفوائد
أبو الفتح الكراجكي
---كنزالفوائد ¶ أبو الفتح الكراجكي ¶ ---
كنز الفوائد لمؤلفه ابي الفتح محمد بن علي الكراجكى المتوفي سنة 449 وفيه خمسة رسائل 1 - رسالة البيان عن جمل اعتقاد اهل الايمان 109 2 - رسالة في وجوب الامامة 148 3 - رسالة في اصول الفقه عن كتاب (المفيد) 186 4 - رسالة المسمى بالبرهان 243 5 - رسالة التعجب من الكراجكى 307
--- [ 2 ]
পৃষ্ঠা ১
هو الموفق والمعين بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فانه خير معين الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد رسوله خاتم النبيين وآله الطاهرين (مختصر من الكلام في ان للحوادث اولا) اعلم ايدك الله ان من الملحدة فريقا يثبتون الحوادث ومحدثها ويقولون انه لا اول لوجوده ولا ابتداء لها ويزعمون ان الله سبحانه لم يزل يفعل ولا يزال كذلك وان افعاله لا اول لها ولا آخر فقد خالفونا في قولهم ان الافعال لا اول لها إذ كنا نعتقد ان الله تعالى ابتدئها وانه موجود قبلها ووافقونا بقولهم لا آخر لها لانهم وان ذهبوا في ذلك الى بقاء الدنيا على ما هي عليه واستمرار الافعال فيها وانه لا آخر لها فانا نذهب في دوام الافعال الى وجه آخر وهو تقضى أمر الدنيا وانتقال الحكم الى الاخرة واستمرار الافعال فيها من نعيم اهل الجنة الذي لا ينقطع عن اهلها وعذاب النار الذي لا ينقضى عن المخلدين فيها فافعال الله عزوجل من هذا الوجه لا آخر لها وهؤلاء ايدك الله هم الدهرية القائلون بان الدهر سرمدية لا اول له ولا آخر وان كل حركة تحرك بها الفلك فقد تحرك قبلها بحركة قبلها حركة من غير نهاية وسيتحرك بعدها بحركة بعدها حركه لا الى غاية وان لا يوم إلا وقد كان قبله ليله ولا ليله إلا وقد كان قبلها يوم ولا انسان إلا ان يكون من نطفه ولا نطفه تكونت إلا من انسان ولا طائر إلا من بيضه ولا بيضه إلا من طائر ولا شجره إلا من حبه ولا حبه الا من شجره وان هذه الحوادث لم تزل تتعاقب ولا تزال كذلك ليس للماضي فيها بدايه ولا للمستقبل منها نهايه وهي مع ذلك صنعه لصانع لم يتقدمها وحكمه من حكيم لم يوجد قبلها وان الصنعه و--- [ 3 ]
পৃষ্ঠা ২
الصانع قديمان لم يزالا تعالى الله الذي لا قديم سواه وله الحمد على ما اسداه من معرفه الحق واولاه وانا بعون الله اورد لك طرفا من الادله على بطلان ما ادعاه الملحدون وفساد ما تخيله الدهريون (دليل) فما يدل على ان الحوادث الماضية لا بد لها من اول اننا في كل وقت من اوقات زماننا بين آخر ماضيها واول مستقبلها فقد علمنا لا محالة آخر ما مضى هو أحد طرفيه ثم نحن نعلم علما لا نشك فيه انما ياتي من مستقبل الحوادث الى مائة سنة يكثر عدد الماضي ويزيد فيه فمعلوم انه قبل الزيادة اقل عددا منه إذ انضمت إليه وهذا يدل على تناهى عدد ما مضى وحصر طرفيه لانه لو كان لا نهايه له لم تتصور العقول دخول التكثر فيه وقد صح بما بيناه ان الحوادث الماضية تصير الى مائة سنة اكثر عددا مما هي اليوم عليه فبان بهذا تناهيها وصح اولها كما صح آخرها ويبطل مقال الدهرية فيها (معارضة) وقد قال الملحدون ان جميع ما ذكرتموه في الماضي عائد عليكم في المستقبل لانكم تقولون ان افعال الله تعالى المستقبلة لا آخر لها ومع هذا فقد علمتم اولها وهو أحد طرفيها فيجب ان يكون ما يوجد الى مائة سنة ينقص منها وإذا دخل النقصان فيها دل على تناهيها وانحصار طرفيها (انفصال) فيقال لهم بين الماضي والمستقبل في ذلك فرق وهو ان الحوادث الماضية ليس منها إلا ما كان موجودا قبل مضيه فقد شمل جميعها حكم الوجود فوجب ان يزيد فيها كل ما يخرج الى الوجود وليس المستقبل كذلك لانها لم توجد وإنما هي في امكان الفاعل فلا يصح فيها النقض ولا سبيل الى القول فيها بالتناهى (دليل آخر) على تناهى ما مضى وهو انه قد مضت ايام وليال ووقفنا اليوم عند آخرها فلا يخلوا ان تكون الايام اكثر عددا من الليالى أو الليالى اكثر من الايام أو يكونا في العدد سواء فإن كانت الايام اكثر من الليالى تناهت الليالى لانها اقل منها واقتضى ذلك تناهى الايام ايضا لبطلان اتصالها قبل الليالى بغير ليال بينها فوجب على هذا الوجه تناهيهما معا وان كانت الليالى اكثر من الايام كان الحكم فيها نظير ما قدمنا من تناهى الاول فتناهى الايام لزيادة الليالى عليها ويقتضى ذلك تناهى الليالى ايضا لفساد اتصالها قبل الايام بغير ايام بينها فوجب على هذا الوجه الاخر تناهيهما معا وان كانت الايام والليالى في العدد سواء كان بمجموعهما اكثر عددا من احدهما بانفراده وهذا يشهد بتناهيهما إذ لو كان كل واحد منهما في نفسه غير متناه ما تصورت العقول عددا اكثر منه وقد علمنا ان الليالى مع الايام جميعا
--- [ 4 ]
পৃষ্ঠা ৩
اكثر عددا من احدهما وهذا موضح عن تناهيهما وبهذا الدليل نعلم ايضا تناهى جميع ما مضى من الحركات والسكنات ومن الاجتماعات والافتراقات ومن الطيور والبيض والشجر والحب وما يجرى مجرى ذلك (معارضة) قال الملحدون هذا الكلام عائد عليكم في نعيم المؤمنين في الجنة وعذاب الكافرين في النار وقد زعمتم كل واحد منهما لا نهاية له ولستم تذهبون الى ان احدهما اكثر من الاخر فنخاطبكم بما ذكرتم ولكن نقول لكم انهما بمجموعهما اكثر عددا من احدهما وهذا يوجب تناهيهما جميعا وحصرهما (انفصال) يقال لهم هذا الذي ذكرتموه لا يصح في المستقبلات وهو لازم لكم في الماضيات لأن الاعداد إذ يضم بعضها الى بعض بعد وجودها وحصرها وعدد الليل والنهار الماضيات فقد وجد أو انحصرا بالفراغ منهما والوقوف عند آخرهما فصح ضم بعضها الى بعض وامكن ما ذكرنا فيهما والمستقبلات من نعيم أهل الجنة وعذاب اهل النار فامور متوقعة لم توجد وليس لها آخر لانها تكون دائمة بغير انقضاء وما لم يوجد من العدد فلا يصح فيه ضم بعض الى بعض وما يتوقع حدوثه ابدا بغير نهاية لا يكون مثل ما قد حدث وكان وتناهى بادراك آخره في كل حال (دليل آخر) ومما يدل على ان للافعال الماضية اولا كونها ووجودها ولو لم يكن لها اول ما صح وجودها لانها كالعدد الذي لا يصح ان يتوالى إلا ان يكون له اول أما واحدا أو جملة يبتدأ بها تقوم مقام الواحد (انفصال) قيل لهم لا يجب ذلك من قبل ان المستقبل منوطة بقدرة القادر والعاد يصح منه ان يعد ما دام حيا فإذا كان ليس لوجوده آخر صح ان ليس لعده آخر ومع ذلك فلا بد من ان يكون لعدده اول (دليل آخر) ومما يدل على ان الافعال لا يصح وجودها إلا بعد ان يبدأ باولها انه لو قيل لرجل لا تدخلن دارا حتى تدخل قبلها غيرها لم يصح منه دخول شئ من الدور ابدا ولم يمكن ذلك إلا بان يبتدأ بواحدة منها (سؤال) فإن قالوا هذا يستحيل كما ذكرتم في المستقبل من الافعال لانه لا بد للمستقبلات من اول فمن اين لكم ان هذا حكم الماضيات (جواب) قيل لهم علمنا ذلك من قبل ان الماضيات قد كانت مستقبلة قبل وجودها ومضيها فلو لم يكن لها اول ما صح وجودها وبعد فلو رأينا هذا الرجل الذي مثلنا به وهو يدخل دارا بعد دار فقلنا له هل كان بعد دخولك هذه الدور ابتداء حتى يقول لنا لم ابتدا بدار منها ولا دخلت دارا حتى دخلت قبلها دورا لا تتناهى فعلمنا انه كاذب
--- [ 5 ]
পৃষ্ঠা ৪
فيما ادعى (دليل اخر) ومما يدل على تناهى الافعال الماضية وانحصارها وصحة طرفيها خروجها الى الوجود على كمالها وفراغ فاعلها منها وكل شئ فعله الفاعل فقد يتوهم ان يفعل امثاله وهذا وجه صحيح يدل على تناهيها وانحصار طرفيها لجواز وجود اكثر منها (معارضة) وقال الملحدة هذا راجع عليكم في نعيم أهل الجنة لأن الله تعالى يقدر على امثاله فيتناهى بوجود اكثر منها (انفصال) فيقال لهم ومتى صحت المماثلة بين الموضعين والافعال الماضية فقد خرج جميعها الى الوجود ونعيم اهل الجنة ليس له جميع ليخرج الى الوجود وإنما يوجد شئ من غير ان يوقف له على وجه آخر من الوجوه فان قالوا فقد لزمكم على هذا ان يكون الله تعالى وعد أهل الجنة بنعيم لا يصلون الى جميعه ولا ينالون سائره قيل لهم قد اعلمناكم انه لا جميع له في الحقيقة له ولا سايره إذ ليس له آخرى والذي وعدهم الله به هو نعيم متصل غير منقطع فلو وجد حتى لا يبقى منه شئ ينتظر لكان في الحقيقة لم يف لهم بما وعد فان قالوا ان الافعال الماضية ايضا لا كل لها في الحقيقة لاستحالة حصرها قيل لهم ولم زعمتم ذلك وقد سلمتم لنا انها قد دخلت في باب الوجود عن آخرها واشتمل الحدوث عليها (مسألة) على الملحدة يقال لهم اخبرونا عن الشمس اليس لم تتحرك بحركة حتى تحركت قبلها بحركات لا نهاية لها فإن قالوا بلى قيل لهم فإذا جاز ان يفرغ الحركات التي لا نهاية لها وتحركت الشمس بها كلها حتى ينتهى الى آخرها فالا جاز ان تتحرك بالحركات المستقبله كلها حتى تفرغ منها وتقف عند آخرها ولا يبقى مستقبل بعدها فإن قالوا ان المستقبلات لا كل في الحقيقة لها اجابوا بمثل قولنا ثم لم ينفعهم ذلك فيما سالنا لأن الفراغ مما لا نهاية له قد صح عندهم وهو غير صحيح عندنا ان يلزمهم تقضى المستقبلات حتى توقف عند آخرها فإن قالوا ان الشمس تتحرك بحركة واحدة باقية دائمة قيل لهم انه ليس يلزمنا قبول ما لا طريق الى فهمه ولا سبيل لمدعيه الى اثبات علمه وهذا الذي زعمتموه دعوى عارية من برهان وبعد فانا إذا لم تنازعكم في ذلك نسالكم فنقول الستم معترفين بان الشمس قد دارت الفلك قبل هذه الدورة التي هي فيها دورات لا نهاية لها فلا بد لهم من الاقرار بذلك فيقال لهم فقد عاد الامر الى الفراغ مما لا نهاية له فما انكرتم ان تنقضي دوراتها المستقبلة التي يقولون انها لا نهاية لها ويفرغ حتى تقف عند آخرها كما فرغت فيما مضى وهي الان في آخره فإن قالوا هذا يستحيل في المستقبل وهو صحيح في الماضي قيل لهم بنظير الكلام المتقدم
--- [ 6 ]
পৃষ্ঠা ৫
وهو ان الماضي قد كان مستقبلا فلو استحال ان يصير المستقبل ماضيا لاستحال في الماضي لانه قد كان مستقبلا (مسألة اخرى) عليهم يقال لهم ايجوز ان تدور الشمس في المستقبل دورات بعد الدورات الماضية ام لا يجوز ذلك فإن قالوا غير جائز قيل لهم لم زعمتم ذلك وعندكم انها تدور في المستقبل دورات لا نهاية لعددها فليس في ذلك ما يفى بما قد مضى فإن قالوا لا يفى به جعلوا الماضي اكثر من المستقبل واوجبوا تناهى المستقبل وان قالوا ان الشمس ستدور دورات يفى عددها بما مضى اوجبوا تناهى ما مضى وقيل لهم افيبقى من المستقبل بعد ذلك بقية فإن قالوا لا اقروا بوجود الاول والاخر واوجبوا تناهى الزمان من طرفيه وجعلوا لدورات الشمس بداية ونهاية وهو خلاف ما ذهبوا إليه وان قالوا انه ستدور دورات يفى بما مضى ويبقى من المستقبل ما لا نهاية له ايضا لم يبق شبهة في تناهى الماضي وصح اوله وبطل مذهبهم في قدمه والحمد لله (دليل آخر) على ان للافعال الماضية اولا فما يدل على ذلك انه قد ثبت ان كل واحد منها محدث كائن بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها فوجب ان يكون جميعهما محدثة كائنة بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها لأن جميعها هو مجتمع آحادها ولا يصح ان يختلف في الجمع والتفرقة هذا الحكم فيهما كما ان كل واحد من الزنج بانفراده اسود فا الجميع باجتماعهم سود والحكم في ذلك واحد في الجمع والتفريق وقد اجتمع معنا على ان جميعها افعال الفاعل وصنعة الصانع والعقول تشهد بوجوب تقدم الفاعل على افعاله وسبق الصانع لصنعته وليس يخالف في ذلك إلا مكابر لعقله بسم الله الرحمن الرحيم واعلم ان الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت انه متقدم عليها تقدم رتبته لا تقدم زمان فيجب ان نطالبهم بمعنى تقدم الرتبه ليوضحوه فيكون الكلام بحسبه وقد سمعنا قوما منهم يقولون ان معنى ذلك انه الفعال فيها والمدبر لها فسألناهم هل يدافع عنها حقيقة الحدث فعادوا الى الكلام الاول من ان كل واحد من اجزاء الصنعة محدث فاعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الاقرار بحدوث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من التقدم والقديم في الوجود على المحدث التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون احدهما موجودا والاخر معدوما ولسنا نقول ان هذا التقدم موجب الزمان لان الزمان
--- [ 7 ]
পৃষ্ঠা ৬
احد الافعال والله تعالى متقدم على جميع الافعال وليس ايضا من شرط التقدم والتاخر في الوجود ان يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض ولا يقال ان ذلك مقتض لزمان آخر والكلام في هذا الموضع جليل ومن الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة وقد كنت اجتمعت في الرملة برجل عجمى يعرف بابى سعيد البزدعى وكان يحفظ شبها في هذا الباب وكنت كثيرا ما اكلمه واستظهر باثبات الحجة عليه فاورد على يوما شبهة كانت اكبر مما في يديه وتكلمت عليها بكلام لم اقنع به فاحكيه ثم كتبت كتابا الى بغداد الى حضرة سيدنا الشريف المرتضى ذى المجدين رضى الله عنه وذكرت الشبهة فيه فورد الي جوابه عنها فانا اذكر الشبهة والجواب وما وجدته بعد ذلك من الكلام في هذا الباب الشبهة قال الملحدة مستدلا على ان الصانع لم يتقدم الصنعة انى وجدت امرهما لا يخلو من ثلاث خصال أما ان تتقدم الصنعة عليه أو ان يتاخر عنه أو ان يكونا في الوجود سواء وقد فسد باتفاق تقدمهما عليه قال ويفسد ايضا تقدمه عليها إذ كان لا يخلو من ان يكون تقدمه عليها بمدة محصورة وتقدير اوقات متناهية أو بمدة غير محدودة وتقدير اوقات غير محصورة قال فان كان بينهما في الوجود امد محصور وتقدير زمان محدود فهو متناوله اول واخر فكما ان اخره حدوث الصنعة فكذلك اوله حدوث الصانع ونعوذ بالله من القول بذلك قال وان تقدمها بمدة لا تحد وتقدير اوقات لا تتناهى وتحصر فلا آخر لهذه المدة كما لا اول لها وإذا لم يكن لها آخر فقد بطل حدوث الصنعه وان نفيتم الاوقات والازمان التي يصح هذا فيها فانه لا يمكنكم انكار تقديرها وفي التقدير يلزم هذا هنا قال فهذا دليل على ان الصنعة والصانع قديمان لم يزالا (والجواب) قاله الشريف المرتضى رحمه الله أما الصانع من حيث كان صانعا فلا بد من تقدمه على صنعته سواء كان قديما أو محدثا لأن تقدم الفاعل على فعله حكم يجب له من حيث كان فاعلا ويستوى في هذا الحكم الفاعل القديم والفاعل المحدث غير ان الصانع القديم يجب ان يتقدم صنعته بما إذا قدرناه اوقاتا وازمانا كانت غير متناهية ولا محصورة ولا يجب هذا في الصانع المحدث بل يتقدم الصانع من المحدثين صنعته بالزمان الواحد والازمان المتناهية المحصورة والذي يدل على ان الصانع لا بد من ان يتقدم صنعته ويستوى في هذا الحكم القديم والمحدث انه لو لم يتقدم عليها لم تكن فعلا له وحادثة به لأن من شان
--- [ 8 ]
পৃষ্ঠা ৭
الفاعل ان يكون قادرا والقادر لا يقدر على الموجود لان وجوده يغني عن تعلق القدرة به فهذا يدل على استحالة مصاحبة الفاعل لفعله فاما تقدم الفعل على فاعله فاظهر فسادا لأن المؤثر في وجود الفعل وحدوثه كون فاعله قادرا فكيف يتقدم المؤثر فيه على المؤثر وأما تقدم الصانع القديم تعالى على صنعته فيجب ان يكون غير محصورة الاوقات وإنما وجب ذلك فيه ولم يجب في الصانع المحدث لكونه قديما لانه لو كان بين القديم والمحدث اوقات متناهية لخرج من ان يكون قديما ودخل في ان يكون محدثا لأن من شان القديم ان لا يكون بوجوده ابتداء وتناهى ما بينه وبين الاوقات وبين المحدث يقتضى ان يكون بوجوده اول وابتداء فاما ما تضمنه السؤال من التقسيم والتعويل في افساد تقدم الصنعه على الصانع على الاتفاق على ذلك فغير صحيح لأن مثل هذا لا يعول فيه على الاتفاق بل لا بد ان يعين طريق العلم أما من ضرورة أو استدلال وقد بينا ما يدل على ان الصنعة لا تتقدم الصانع فاما ما مضى من السؤال من الزام نفي التناهى والاخر عن المدة التي تكون بين الصانع والصنعة كما نفى عنها الابتداء والتناهى من قبل اولها فغير صحيح ولا لازم لانا قد بينا انا متى جعلنا بين الصانع القديم وصنعته مدة متناهية الابتداء محصورة لحق القديم بالمحدث وخرج من ان يكون قديما وإذا جعلناها محصورة الانتهاء لم يجب ذلك فيها ولا ادى الى ما قد علمنا فساده من كون القديم محدثا ولا الى غيره من ضروب الفساد فلم يلزم نفي الاخر عن المدة قياسا على نفي الاول وقد بين شيوخ أهل العدل في كتبهم الفرق بين هذين الامرين وقالوا من المستحيل اثبات فاعل لم يزل فاعلا وليس بمنكر ولا مستحيل اثبات فاعل لا يزال فاعلا وبينوا ان نفي التناهي والابتداء عن الافعال من قبل اولها يخرجها من ان يكون افعالا وليس نفي التناهي عنها من قبل آخرها يخرجها من ان تكون افعالا وذكروا ان نعيم أهل الجنة وعقاب اهل النار دائمان لا انقطاع لهما ولا آخر ولم يؤد ذلك الى المحال والفساد الى ما ادى إليه نفي التناهي عن الافعال من قبل اولها وقالوا ليس بمنكر ان يدخل داخل دارا بعد دار ابدا بغير انقطاع ومن المستحيل المنكر ان يدخل دارا قبل دار ابدا بلا اول وقد استقصينا نحن هذا الكلام في مواضع كثيرة من كتبنا وذكرناه في الملخص وغيره من اجوبة المسائل والنقوض على المخالفين وأما ما تضمنه السؤال من ان هذا
--- [ 9 ]
পৃষ্ঠা ৮
يدل على ان الصنعة والصانع قديمان لم يزالا فمناقضة ظاهرة لان الوصف المتصف بالقدم ينقض كونه صفة كما ان وصف القديم بانه مصنوع ينقض كونه قديما وهل هذا إلا تصريح بان المحدث قديم والقديم محدث ولا خفاء بفساد ذلك هذا آخر الجواب الوارد الي من حضرة السيد الشريف المرتضى رضى الله عنه عن هذه الشبهة وجميع ما تضمنه من اطلاق القول بان بين القديم واول المحدثات اوقات لا اول لها فانما المراد به تقدير اوقات دون ان يكون القصد اوقاتا في الحقيقة لأن الاوقات افعال فقد ثبت ان للافعال اولا فلو قلنا ان بين القديم واول الافعال اوقاتا في الحقيقة لناقضناه ودخلنا في مذهب خصمنا نعوذ بالله من القول بهذا (جواب آخر عن هذه الشبهة) وقد قال بعض أهل العلم انه لا ينبغي ان نقول بين القديم وبين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين والقديم لا اول له والواجب ان نقول ان وجود القديم لم يكن عن عدم ونقول انه لو امكن وجود حوادث بلا نهاية ولم يتناقض ذلك لامكن ان يفعلها حادثا قبل حادث لا الى اول فيكون قد وجدت حوادث بلا نهاية ولسنا نريد بذلك انه كان قبل فعل مدة يريد امتدادها لأن هذا هو الحدوث والتجدد وهو معنى الزمان والحركة فإن قال قائل انه لا يثبت في الاوهام إلا هذا الامتداد قيل له ليس يجب إذا ثبت في الوهم ان يكون صحيحا اليس عندكم انه ليس خارج العالم خلاء وذلك غير متوهم ثم يقال لهم ايثبت في الوهم ذلك مع فرضكم نفي الحركات والتغييرات ام مع فرضكم اثبات ذلك فإن قالوا مع فرضنا اثبات ذلك قيل لهم فيجب مع نفي ذلك ان لا يثبت هذا التوهم وان قالوا يثبت هذا التوهم مع فرضنا نفي ذلك قيل لهم فقد ثبت في التوهم النقيضان لأن هذا التوهم هو ان ينتقل ويمتد قال ثم يقال ارايتم لو قال لكم قائل ليس يثبت في ذهني موجود ليس في جهة فيجب ان يكون البارئ عزوجل في جهة اليس يكون يمكن ان يقال إنما يثبت ذلك في الوهم متى فرضتموه جسما وأما متى فرضتموه غير جسم ولا متحيز فانه لا يثبت ذلك في الوهم فهكذا يكون جوابنا لكم ثم قال هذا المتكلم فإن قالوا فإذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم ان الباري سبحانه لم يتقدم فعله قيل بل نقول انه يتقدم على معنى ان وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله وقولنا ثم يترتب على عدم الفعال لا غير قال ونقول إذا فعل الله سبحانه شيئا انه كان يجوز ان يتقدم على معنى انه يفعله فيكون بينه وبين يومنا من الحوادث اكثر مما هو الان وليس الكثرة والتقدم والتاخر راجعا إلا
--- [ 10 ]
পৃষ্ঠা ৯
الى الحوادث دون مدة يقع فيها ثم تكلم في نفي المدة فقال والذي يبين ان تقدم الحركات وتاخرها يثبت من دون مدة يقع فيها انه لا يخلو هذه المدة من ان تكون شيئا واحدا لا امتداد فيه ولا ينتقل من حال الى حال أو يكون فيه تنقل وامتداد والاول يقتضى اثبات الزمان على غير الوجه المعقول ويقتضى ان تكون الاشياء غير متقدم بعضها على بعض إذا كان بالاجل تقدمه وتاخره بتقدم الاشياء ويتاخر ليس فيه تقدم وتاخر فليت شعري اثبت التقدم والتاخر بنفسه ام بغيره ان كان يثبت فيه بغيره ادى الى ما لا نهاية له وان كان ذلك الزمان متقدما ومتاخرا بنفسه من غير ان يكون في شئ متقدم ومتاخر فهلا قيل ذلك في الحركات واستغنى عن معنى غيرها فصل وبيان وهذه الطريقة التي حكيتها هي عندي قاطعة لمادة الشبهة كافية في اثبات الحجة المستدل بها وهي مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي لانه لا يطلق القول بان بين القديم واول المحدثات مدة ويقول ان قبلها بمعنى انه كان موجودا ثم وجدت وهي معنى ما ذكر هذا المتكلم في قوله ان وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله فهو على هذا الوجه قبل افعاله واعلم ايدك الله ان العبارات في هذه المواضع تضيق عن المعاني وتدعو الضرورة الى النطق بما عهد ووجد في الشاهد وان لم يكن المراد حقيقة في المتعارف ويجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعنى الى النفس كقولنا قبل وبعد وكان وثم فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الالفاظ إلا في الاوقات والمدد فإذا قلنا ان الله تعالى كان قبل خلقه ثم اوجد خلقه فليس هذا التقديم والتاخير مفيد الاوقات ومدد وقد تتقدم الاوقات بعضها على بعض بانفسها من غير ان يكون لها اوقات اخر وكذلك ما يطلق به اللفظ من قولنا ان وجود الله قبل وجود خلقه فليس للوجود في الحقيقة معنى غير الموجود وإنما هو اتساع في القول والمعنى مفهوم معقول وقد سال أبو القاسم البلخى نفسه فقال ان قال قائل اخبرونا عن اول فعل فعله الله تعالى اكان من الجائز ان يفعل قبل غيره واجاب عن ذلك فقال هو جائز بمعنى ان يكون لم يفعله وفعل غيره بدله وفعله هو فاما غير ذلك فلا يجوز لانه يؤدى الى المحال وفي هذا القدر كفاية في الكلام على الملحدة الدهرية والحمد لله (مسألة) في تأويل خبر ان سال سائل فقال ما معنى قول النبي صلى الله عليه واله في الخبر المروى عنه لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر (الجواب) قيل له الوجه
--- [ 11 ]
পৃষ্ঠা ১০
في ذلك ان الملحدين ومن نفى الصانع من العرب كانوا ينسبون ما ينزل بهم من افعال الله تعالى كالمرض والعافية والجدب والخصب والغناء الى الدهر جهلا منهم بالصانع جلت عظمته ويذمونه في كثير من الاحوال من حيث اعتقدوا انه الفاعل بهم هذه الافعال فنهاهم النبي صلى الله عليه واله عن ذلك وقال لهم لا تسبوا من فعل بكم الافعال ممن يعتقدون انه هو الدهر فإن الله تعالى هو الفاعل لهذه الافعال وإنما قال ان الله هو الدهر من حيث نسبوا الى الدهر افعال الله تعالى وقد حكى الله تعالى عنهم قولهم ما هي إلا حيوتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وقال لسيد في قروم سادة من قومه نظر الدهر إليهم وابتهل أي دعا عليهم (قصيدة في الاداب والامثال لابن دريده) (ما طاب فرع لا يطيب اصله) (حمى مؤاخاة اللئيم فعله) (وكل من آخا لئيما مثله) (من يشتكى الدهر يطل في الشكوى) (فالدهر ما ليس عليه عدوى) (مستشعر الحرص عظيم البلوى) (من امن الدهر اتى من مامنه) (لا تستثر ذا لبد من مكمنه) (وكل شئ يبتغى من معدنه) (لكل ناع ذات يوم ناعى) (وإنما السعي بقدر الساعي) (قد يهلك المرعى عنف الراعى) (من يترك القصد تضق مذاهبه) (دل على فعل امرئ مصاحبه) (لا تركب الامر وأنت عائبه) (من لزم التقوى استبان عدله) (من ملك الصبر عليه عقله) (نجا من العير وبان فضله) (يجلو اليقين كدر الظنون) (والمرء في تقلب الشئون) (حتى توفاه يد المنون) (يا رب حلو سيعود سما) (ورب حمد سيحوز ذما) (ورب روح سيصير هما) (من لم تصل فارض إذ حباكا) (واوله حمدا إذا قلاكا) (أو اوله منك الذي اولاكا) (مالك إلا ما عليك مثله) (لا تحمدن المرء ما لم تبله) (والمرء كالصورة لو لا فعله) (يا ربما اورثت اللجاجة) (ما ليس للمرء إليه حاجه) (وضيق أمر يبتغ انفراجه) (ليس يقي من لم يق الله الحذر) (وليس يقدر امرؤ على القدر) (والقلب يعمى مثلما يعمى البصر) (كم من وعيد يخرق الاذانا) (كانما يعنى به سوانا) (اصمنا الاهمال بل اعمانا) (ما افسد الخرق وساء الرفق) (وخير ما انبأ عنك الصدق) (كم صعقة دل عليها البرق) (لكل ما يؤذى وان قل الم) (ما اطول الليل على من لم ينم) (وسقم عقل المرء من شر السقم) (اعداء عيب اخوة التلاقي) (يا سواتا لهذه الاخلاق) (كانما اشتقت من النفاق) (انف الفتى وهو صريم اجدع) (من وجهه وهو قبيح اشنع) (هل يستوى المحظوظ والمضيع) (ما منك من لم يقبل المعاتبة) (وشر اخلاق الفتى المؤاربة) (ينجيك مما نكره المجانبه) (متى تصيب الصاحب المهذبا) (هيهات ما اعسر هذا المطلبا)
--- [ 12 ]
পৃষ্ঠা ১১
(وشر ما طالبته ما استصعبا) (اف لعقل الاشمط النصاب) (رب معيب فعله عياب) (ذم الكلام حذر الجواب) (لكل ما يجرى جواد كبوه) (ما لك إلا ان قبلت عفوه) (من ذا الذي يسقيك عفوا صفوه) (لا يسلك الشر سبيل الخير) (والله يقضى ليس زجر الطير) (كم قمر عاد الى قمير) (لا يجتمع جمع لغير بين) (لفرقه كل اجتماع اثنين) (يعمى الفتى وهو البصير العين) (الصمت ان ضاق الكلام اوسع) (لكل جنب ذات يوم مصرع) (كم جامع لغيره ما يجمع) (مالك إلا ما بذلت مال) (في طرفة العين يحول الحال) (ودون آمال الفتى الاجال) (كم قد بكت عين وليس تضحك) (وضاق من بعد اتساع مسلك) (لا تبر من امرا عليك يملك) (خير الامور ما حمدت غبه) (لا يرهب المذنب إلا ذنبه) (والمرء مقرون بمن احبه) (كل مقام فله مقال) (كل زمان فله رجال) (وللعقول تضرب الامثال) (دع كل أمر منه يوما تعتذر) (عف كل ورد غير محمود الصدر) (لا تنفع الحيلة في ماضى القدر) (نوم امرئ خير له من يقظة) (لم يرضه فيه الكرام الحفظة) (وفي صروف الدهر للمرء عظة) (مسألة الناس لباس ذل) (من عف لم يسئم ولم يمل) (فارض من الاكثر بالاقل) (جواب سوء المنطق السكوت) (قد افلح المبتدئ الصموت) (ما حم من رزقك لا يفوت) (في كل شئ عبرة لمن عقل) (قد يسعد المرء إذا المرء اعتدل) (ترجو غدا ودون ما يرجو الاجل) (من لك بالمحض وليس محض) (يخبث بعض ويطيب بعض) (ورب أمر قد نهاه النقض) (كم زاد في ذنب جهول عذره) (ذا مرض يعنى عليك امره) (يخشى امرء شيئا ولا يضره) (يا رب احسان يعود ذنبا) (ورب سلم سيعود حربا) (وذو الحجى يحمل ان احبا) (قد يدرك المعسر في اعساره) (ما يبلغ الموسر في ايساره) (وينتهى الهاوى الى قراره) (الشئ في نقص إذا تناها) (والنفس تنقاد الى رداها) (مذعنه يحنث سائقاها) (الناس في فطرتهم سواء) (وان تساوت بهم الاهواء) (كل بقاء بعده فناء) (لم يغل شئ وهو موجود الثمن) (مال الفتى ما قصه لا ما احتجن) (إذا حوى جثمانه ثرى الجبن) (المال يحكى الغى في اثقاله) (وإنما المنفق من امواله) (ما عمر الخلة من سؤاله) (من لاح في عارضه القتير) (فقد اتاه بالبلى النذير) (ثم الى ذي العزة المصير) (رايت غب الصبر مما يحمد) (وانما النفس كما تعود) (وشر ما يطلب ما لا يوجد) (ان اتباع المرء كل شهوة) (ليلبس القلب لباس قسوة) (وكبوة العجب اشد كبوة) (من يزرع المعروف يحصد ما رضى) (لكل شئ غاية ستفتضى) (والشر موقوف لدى التعرض) (لا ياكل الانسان إلا ما رزق) (ما كل اخلاق الرجال تتفق) (هان على النائم ما يلقى الارق) (من يلذع الناس يجد من يلذعه) (لسان ذي الجهل وشيكا يوقعه)
--- [ 13 ]
পৃষ্ঠা ১২
(لا يعدم الباطل حقا يدمغه) (كل زمان فله توابع) (والحق للباطل ضد دامغ) (لا يغصك المشرب وهو سائغ) (رب رجاء قض من مخافة) (ورب امن سيعود آفة) (ذو النجح لا يستبعد المسافة) (كم من عزيز قد رايت ذلا) (وكم سرور مقبل تولى) (وكم وضيع شال فاستقلا) (لا خير في صحبة من لا ينصف) (والدهر يجفو امره ويلطف) (والموت يفنى كل عين تطرف) (رب صباح لامرئ لا يمسه) (حتف الفتى موكل بنفسه) (حتى يحل في ضريح رمسه) (انى ارى كل جديد بالي) (وكل شئ فالى زوال) (فاستشف من جهلك بالسؤال) (آن رحيلا فاعد الزادا) (آن معادا فاحذر المعادا) (لا يملك العمر وان تمادى) (انك مربوب مدين تسئل) (والدهر عن ذى غفله لا يغفل) (وكل ما قدمته محصل) (حتى يجئ يومك المؤجل) (فصل) روى عن أحد الائمه انه قال رسول الله صلى الله عليه واله ان الله عزوجل كتم ثلاثة في ثلاثة رضاه في طاعته وكتم سخطه في معصيته وكتم وليه في خلقه ولا يستخفن احدكم شيئا من الطاعات فانه لا يدرى في ايها رضا الله تعالى ولا يستقلن احدكم شيئا من المعاصي فانه لا يدرى في ايها سخط الله ولا يزرين احدكم باحد من خلق الله فانه لا يدرى ايهم ولى الله ومن كلامه صلى الله عليه واله من سرتة حسنته وساءته معصيته فهو مؤمن لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع ومستمع واع كفى بالنفس غنى وبالعبادة شغلا لا تنظروا الى صغير الذنب ولكن انظروا الى من اجتراتم وقال عليه واله السلام آفة الحديث الكذب وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة وآفة الطرف الصلف لا حسب إلا بتواضع ولا كرم إلا بتقوى ولا عمل إلا بنية ولا عبادة إلا بيقين ان العاقل من اطاع الله وان كان ذميم المنظر حقير الخطر وان الجاهل من عصى الله وان كان جميل المنظر عظيم الخطر افضل الناس اعقل الناس ان الله تعالى قسم العقل ثلاثة اجزاء فمن كانت فيه كمل عقله ولم تك فيه فلا عقل له المعرفة بالله تعالى وحسن الطاقة وحسن الصبر ان لكل شئ آلة وعدة وآلة المؤمن وعدته العقل ولكل شئ مطية ومطية المرء عقله ولكل شئ غاية وغاية العبادة العقل ولكل قوم راع وراعي العابدين العقل ولكل تاجر بضاعة وبضاعة المجتهدين العقل ولكل خراب عمارة وعمارة الاخرة العقل ولكل سفر فسطاط يلجئون إليه وفسطاط المسلمين العقل (فصل) روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه انه قال العقل ولادة والعلم افادة ومجالسة العلماء زيادة وروى عنه عليه السلام انه قال هبط جبرئيل عليه السلام على آدم عليه السلام فقال له يا آدم
--- [ 14 ]
পৃষ্ঠা ১৩
امرت ان اخيرك في ثلاث فاختر منهن واحدة ودع اثنتين فقال له آدم عليه السلام وما الثلاث قال العقل والحياء والدين فقال آدم عليه السلام فانى قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين انصرفا فقالا (يا جبرئيل انا امرنا ان نكون مع العقل حيث كان قال فشانكما وعرج (مسألة) ان سئل سائل فقال كيف يحسن مخاطبة الحياء والدين وكيف يصح منهما النطق وهما داخلان في باب الاعراض التي لا تقوم بانفسها ولا تصح الحيوة والنطق منهما (الجواب) قيل له هذا مجاز من القول وتوسع في الكلام والمعنى فيه انهما لو كانا حيين قائمين بانفسهما تصح المخاطبة لهما والنطق منهما لكان هذا حكمهما والمحكى عنهما جوابهما وقد يستعمل العرب ذلك في كلامهما وهو نوع من انواع فصاحتها قال الشاعر (امتلا الحوض وقال قطني) (مهلا رويدا قد ملات بطني) ونحن نعلم ان الحوض لا يصح منه النطق ولكنه استعار النطق لانه عنده لو كان في صورة ما ينطق لكان هذا قوله (خبر آخر) في هذا المعنى وهو المشتهر بين الخاصة والعامة من ان اول شئ خلق الله تعالى العقل فقال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر فقال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو احب الي منك بك اعطي وبك امنع وبك اثيب وبك اعاقب وعزتي وجلالي لا اكملتك إلا فيمن احببت فالمعنى فيه نظير ما تقدم هو ان العقل لو كان قائما بنفسه حتى يوجد مفردا لكان اول شئ خلقه تعالى لفضله ولأن منازل العالية لا تستحق إلا به ولو كان حيا قادرا لصح منه امتثال أمر الشارع الى ما يؤمر به ولم يقع خلاف للمراد منه وهذا كله بينة على شرف العقل وجلالته وحث على وجوب الرجوع إليه والتمسك بحججه وفي القرآن لذلك نظائر (فصل) مما ورد في القرآن في هذا المعنى فمن ذلك قول الله عزوجل إنما امرنا بشئ إذا اردناه ان نقول له كن فيكون فدليل شاهد بان المراد بذلك ليس هو القول ولا يصح فيه حقيقة الامر لانه لو كان يامر الشئ في الحقيقة بالكون كان لا يخلو من حالين أما ان يامره بذلك والشئ في حال عدمه أو في حال وجوده ومحال ان يامره وهو في حال عدمه لان المعدوم في الحقيقة ليس بشئ فيتوجه إليه الامر والذين يثبتون انه شئ في حال عدمه من المتكلمين لا يخالفون في انه لا يصح ان يؤمر ومحال ايضا ان يامره بالكون وهو في حال وجوده لأن الموجود هو الكائن ولا يقال للكائن كن كما لا يقال للساكن اسكن وايضا فلو كان يامره في الحقيقة بالكون لكان الشئ المأمور هو الذي
--- [ 15 ]
পৃষ্ঠা ১৪
يفعل نفسه ويكونها ولا يصح من شئ ان يفعل الا ان يكون حيا قادرا ولا يصح منه ان يفعل الحكم المتقن الا بعد كونه عالما وهذا كله على ان المعدوم لا يؤمر وان الشئ لا يفعل نفسه ولم يبق إلا ان يكون ذلك مجازا في القول والمراد به الاخبار عن تيسر الفعل على الله سبحانه إذا اراده وانه غير متعذر منه ومتى اراد كونه كان بغير حائل ولا مانع حتى كان الذي يريده لو كان حيا قادرا يصح ان يكون نفسه ثم امره الله تعالى بذلك ليبادر إليه ولم يتاخر عنه ومثل ذلك قول الله عزوجل ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها قالتا اتينا طائعين وليس المراد ان السماء والأرض وهما جماد نطقتا وإنما المعنى تيسر فعلهما وما اراده فيهما فكأنهما لو كانتا حيا قادرا في حكم الاحياء القادرين الذين يصح منهم النطق والاتيان لقالتا إذا امرنا بالاتيان اتينا طائعين ونظير هذا في الكلام كثير والناس يجعلون من تيسر منه الفعل كان فعله قد اطاعه ويقولون للشاعر الحاضر الخاطر ان القوافى لتسمع وتطيع وانك لتراها راى العين وانها لمحصورة بين يديك ومرادهم انها لا يتعذر عليه متى رامها ولا يتوقف في شئ منها إذا قصدها فكأنها لو كانت في حيز ما ترى لرآها أو في حكم من يطيع لاطاعت امره إذا امرها فاما الاخبار عن السماء والأرض بانهما قالتا اتينا طائعين بلفظ التذكير فيحتمل ان يكون المعنى اتينا بمن فينا ومن يصح فيه التذكير ومن ذلك قول الله عزوجل يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد وجهنم في الحقيقة لا يصح ان يخاطب ولا يقع منها القول فالمعنى انها لو كانت في حكم من يخاطب ويصح منها القول لقالت هل من مزيد وقيل في الاية بوجه آخر وهو ان الذكر لها أو الخطاب في الحقيقة متوجه الى خزنتها وهم القائلون هل من مزيد وإنما اضيف ذلك إليها كما يقال قالت البلدة الفلانية اي قال اهلها قال الله تعالى واسئل القرية التي كنا فيها والمراد اهلها ومن ذلك قول الله عزوجل يوم تشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون وقوله جل اسمه وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا انطقنا الذي انطق كل شئ وهو خلقكم اول مره وإليه ترجعون فالقول عندنا ذلك كله انه على الاستعارة ومجاز اللغة دون الحقيقة والمعنى فيه ان الجوارح لو كانت مما تنطق لنطقت على اصحابها بالشهادة وقالت انطقنا الله وقد يجوز في ابعاض الانسان ما يقام الشهادة بفعله وان لم يكن نطق والعرب تقول رب عين انطق من لسان ويقولون
--- [ 16 ]
পৃষ্ঠা ১৫
عيناك تشهد بسحرك ونظرك يدل على خبرك والشواهد على هذا كثيرة وفيما ذكرناه كفاية (مسألة) (من عويص النسب إلاقل لابن ام حماة امي) (انا ابن اخ ابن اختك غير وهم) (فلو زوجت اختك من اخ لي) (فأولدها غلاما كان عمي) (وكان اخي لذاك العم عما) (وصار العم مثل دمي ولحمي) (فمن منك أو من أنت مني) (اجب ان كنت ذا لب وفهم) (الجواب) القائل ابن ابن المقول له هو خال اب القائل واخت المقول له هي ام أبي القائل فإذا تزوجها اخو القائل لامه وهو جائز لانه لا قرابة بينها فأولدها غلاما فا لغلام عم القائل لانه يصير اخا لابيه ويكون القائل ايضا عما للغلام من الام وكانت اخوة القائل من أبيه وامه اعماما للغلام (فصل) في ذكر الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من احب دنياه اضر باخرته قال أمير المؤمنين عليه السلام الدنيا دول فاطلب حظك منها باجمال الطلب وقال عليه السلام من امن الزمان خانه ومن غالبه هانه وقال الدهر يومان يوم لك ويوم عليك فإن كان لك فلا تبطر وان كان عليك فاصبر فكلاهما عنك يمضى قال بعض الشعراء (وان امرءا دنياه اكثر همه) (لمستمسك منها بحبل غرور) وقال بعضهم اياك والاغترار بالدنيا والركون إليها فإن امانتها كاذبة وآمالها خائبة وعيشها نكد وصفوها كدر وأنت منها على خطر أما نعمه زائلة وأما بلية نازلة وأما مصيبة موجعة ومنية مفجعة وقال آخر صاحب الدنيا في حرب يكابد الاهواء لتنقدح والجهالة لتقمح والارواع لتندفع والامال لتنال والمكروه ليزال وبعض ذلك عن بعض شاغل والمشغل عنه ضائع فلما راى الحكماء انه لا سبيل الى احكام ذلك تركوا ما يفنى ليحرزوا ما يبقى (فصل) في ذكر الامل روى ان الله تعالى قال يا ابن آدم ياتي رزقك وأنت تحزن وينقص من عمرك وأنت لا تحزن تطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك وقال رسول الله صلى الله عليه واله من كان يامل ان يعيش غدا فانه يامل ان يعيش ابدا وقال بعضهم الامال لا تنتهى والحى لا يكتفى وقيل ما اطاع عبدا ملة إلا قصر امله وقال آخر لا يلهك الامل الطويل عن الاجل القصير وقال آخر من جرى في عنان عمله عثر باجله وقال آخر انك إذا ادركت املك قربك من اجلك وإذا ادركك اجلك لم تبلغ املك لابن الرومي (خمسون عاما كنت آملها) (كانت امامى ثم خلفتها) (كنز حياة لي انفقته) (على تصاريف تطرفتها) (لو كان عمري ماة هدني) (تذكري تسوفتها) (فصل) في ذكر الموت روي انه كان في التوراة مكتوبا يا بن آدم لا
--- [ 17 ]
পৃষ্ঠা ১৬
لا تشتهى حتى تموت حتى تتوب وأنت لا تتوب حتى تموت وقال أمير المؤمنين عليه السلام من اكثر ذكر الموت رضى من الدنيا باليسير وقال بعضهم لو رأيتم الاجل ومسيره لابغضتم الامل وغرورة وانشد (نراع لذكر الموت ساعة ذكره) (فتعترض الدنيا فنلهو ونلعب) وقيل ان امرءا آخره الموت لحقيق ان يخاف ما بعده وروى ان أمير المؤمنين عليه السلام سمع انسانا يقول انا لله وانا إليه راجعون فقال قولنا انا لله اقرار منا له بالملك وقولنا وانا إليه راجعون اقرار على انفسنا بالهلك وقيل ان من عجائب الدنيا انك تبكى على تدفنه وتطرح التراب على وجه من تكرمه (أبو نؤاس غر جهولا امله) (يموت من جا اجله ومن دنا من يومه لم تغن عنه حيله) (وكيف يبقى آخر قد مات عند اوله) (لا يصحب الانسان من دنياه إلا عمله) - أبو ذؤيب - (وإذا المنيه انشبت اظفارها) (الفيت كل تميمة لا تنفع) (غيره ننافس في الدنيا ونحن نعيبها) (وقد حذرتناها لعمري خطوبها) (وما نحسب الساعات تقطع مدة) (على انها فينا سريع ربيبها) (كاني برهطى يحملون جنازتي) (الى حفرة يحث على كثيبها) (وباكية حرى تنوح واننى) (على غفلة من صوتها لا اجيبها) (ايا هادم اللذات ما منك مهرب) (يحاذر نفسي منك ما يصيبها) (رايت المنايا قسمت بين انفس) (ونفسي سيأتي بعد ذاك نصيبها) - لابي اسحاق الصابى - (من قطعة كتبها الشريف الرضى أبي الحسن الموسوي وهو هذا شعر (واني على عيب الردى في جوانبى) (وما كف من خطوى وبطش بنانى) (وان لم يدع إلا فؤادا مروعا) (به غير باق من الخفقان) (تلوم تحت الحجب تنقب حكمة) (الى اذن تصغي لنطق لساني) (لاعلم انى ميت عاق دفنه) (دماء قليل في غد هو فان) (وان فما للارض غرتان حائما) (يراصد من اكلى حضور أو ان) (به فترة عم الورى لفجائع) (تركن فلانا ثاكلا لفلان) (غدا فاغرا يشكو الطوى فهو راتع) (وما تلتقي يوما له شفتان) (وكيف وحد القوت منه فناؤنا) (وما دون ذاك الحد رد عيان) (إذا عاصيا بالنسك ممن يعوله) (فلا اولا منه بمهلك ثان) (الى ذات يوم لا ترى الأرض وارثا) (سوى الله من انس تراه وجان) (لغيره فكم من صحيح بات للموت
--- [ 18 ]
পৃষ্ঠা ১৭
آمنا) (اتته المنايا رقدة بعد ما هجع) (فلم يستطع إذ جاءه الموت بغته) (فرارا ولا منه بحيلة انتفع) (فاصبح تبكيه النساء مكفنا) (ولا يسمع الداعي إذا صوته رفع) (وقرب من لحد فصار مقيله) (وفارق ما قد كان بالامس قد جمع) (فصل) وفي ذكر الموت والقتل وما بينهما اعلم ان الموت غير القتل والذي يدل على انهما غير ان قول الله عزوجل فإن مات أو قتل وقوله تعالى ولئن متم أو قتلتم وقوله سبحانه ما ماتوا وما قتلوا وليس يجوز ان يكون التأكيد والتكرير في اللفظين يرجعان الى معنى واحد ويدل على ذلك ايضا العلم بان الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف انفه ولو قال قائل في ميت ان الله قتله لاعاب العقلاء عليه والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين وقد قال شيخنا المفيد رضى الله عنه ان القتل متولد عن الاسباب ومحله محل حياة الاجسام والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولا يصح حلوله في الاجسام قال وهذا مذهب يختص بي والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد والموت لا يقدر عليه أحد إلا الله تأويل آية ان سئل سائل عن قول الله سبحانه وإذا الموؤدة سئلت باي ذنب قتلت فقال كيف يصح ان يسئل من لا عقل وأي فائدة في سؤالها عن ذلك ولا ذنب لها وما الموؤدة ومن أي شئ اشتقاق هذه اللفظة (جواب) قلنا في قوله تعالى سئلت وجهان احدهما ان يكون المراد ان قاتلها طولب بالحجة في قتلها وسئل عن سبب قتله لها وباي ذنب قتلها وذلك على سبيل التوبيخ والتعنيف واقامة الحجة فالقتلة ههنا هم المسئولون على الحقيقة لا المقتولة مسئول عنها ومثله قوله تعالى واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا أي مطالبا به ومسئولا عنه (والوجه الاخر) ان يكون السؤال توجه الى الموؤدة على الحقيقة توبيخا لقاتلها وتقريعا له على انه لا حجة له في قتلها ويجرى هذا مجرى قوله تعالى لعيسى عليه السلام اونت قلت للناس اتخذوني وامى الهين من دون الله على طريق التوبيخ لقومه واقامة الحجة عليهم (فإن قيل) على هذا الوجه كيف يخاطب ويسئل من لا عقل له ولا فهم (فالجواب) ان في الناس من زعم ان الغرض بهذا القول إذا كان تبكيت القاتل وتهجينة وادخال الغم عليه في ذلك
--- [ 19 ]
পৃষ্ঠা ১৮
الموقف على طريق العقاب لم يمتنع ان يقع وان لم يكن من الموؤدة فهم لأن الخطاب وان توجه إليها فالغرض في الحقيقة به غيرها وهذا يجرى مجرى رجل ضرب ضارب طفلا له من ولده فاقبل الرجل على ولده يقول له لم ضربت وما ذنبك وباى شئ استحل هذا منك وغرضه تبكيت الظالم لا خطاب الطفل وفي الناس من قال ان توجه السؤال الى الموؤدة وان كان الغرض فيه تبكيت القائل فانه لا يكون إلا والموؤدة قد اكملت لها العقل وجعلت على افضل الهيئات لانها في القيامة تعوض عما نالها با لنعيم الدائم فلا بد من اكمال عقولها لتعرف عدل الله تعالى ويحسن التذاذها بما وصل إليها فليس يتوجه السؤال إليها الا وهذه حالها وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن ابن عباس رضى الله عنه عنهما وعن غيرهما انهم قراوا إذا الموؤدة سئلت بفتح السين والهمزة واسكان التاء باي ذنب قتلت باسكان اللام وضم التاء الثانية فكانت الموؤدة هي السائلة والقائلة وأما الموؤدة فهي المقتولة صغيرة وكانت العرب في الجاهلية تدفن البنات احياء وهو قوله تعالى ايمسكه على هون ام يدسه في التراب وهو قوله عزوجل قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفها بغير علم ويقال انهم كانوا يفعلون ذلك لامرين احدهما انهم كانوا يقولون ان الملائكة بنات الله فالحقوا البنات بالله فهو احق بالبنات والامر الاخر انهم كانوا يقتلونهم خشية الاملاق قال الله عزوجل لا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقكم واياهم ان قتلهم كان خطا كبيرا (فصل) في معرفة الاسم والصفة (اعلم) ان المسمى غير الاسم والصفة غير الموصوف والاسم والصفة جميعا لا يكونان الا قولا من المسمى والوصف أو كتابة يدل على ما يدل عليه القول والاسم في الحقيقة ما دل على المسمى والصفة ما دل على معنى في المسمى وفي هذا اللفظ تجوز لانها تعطى الظرفية والحلول وربما كان الموصوف غير ظرف ولا محل واقرب من هذا ان يقال ان الصفة ما افادت امرا يكون في الموصوف عليه وإنما افتقر المتكلم الى استعمال هذه الالفاظ لضيق العبارات عن استيفاء المعاني فإذا فهم اللفظ الغرض جاز استعماله فالاسم قولنا زيد وعمرو ونحو ذلك مما وسمت به الاشخاص وحصل لها القابا تتخصص بها عند الاشارات وليست دالة على معنى في الموصوف
--- [ 20 ]
পৃষ্ঠা ১৯
ولا مفيدة امرا هو عليه (والصفة) قولنا قادر وعالم ونحو ذلك مما يدل على امور يكون الموصوف عليها فقولنا قادر يفيد جواز وقوع الفعل منه وقولنا عالم يفيد صحة وقوع الفعل المحكم منه فإن انكشف لنا الاعتبار عن خروج الموصوف عن هاتين الصفتين الى ضدهما حتى يتعذر وقوع الفعل منه ويستحيل حصول الفعل المحكم المتقن منه فما ذاك إلا لأن فيه معنيين حالين وهما القدرة والعلم وبوجودهما فيه صح منه فعل المحكم المتقن وهما عرضان متغايران وضداهما العجز والجهل ولا يكون هذا إلا والموصوف محدث وليس القدرة والعلم صفتين للقادر والعالم وإنما الصفة قول الواصف هذا قادر وعالم أو كتابته الدالة على ذلك وكذلك ليس السواد بصفة للاسود وإنما صفته قولنا هذا اسود ومن خالف في هذا فقد غلط إلا ان يقال ان العلم صفة للعالم والسواد صفة للاسود على وجه التوسع في الكلام فذلك جائز وان كشف لنا الاعتبار عن استحالة خروج الموصوف عما وصف به وبطلان وصفه بضده فما ذاك إلا لانها صفات نفسية ولهذا قلنا ان الله تعالى قادر عالم لنفسه وانه لا علم ولا قدرة في الحقيقة له لاستحالة خروجه من جواز وقوع الفعل المحكم المتقن منه فالمعاني التي دلت الصفات عليها هي ما استفدناه من حال الموصوف وقد ظنت المجبرة ان الصفة غير الوصف وقالوا ان الصفة معنى قائم بالموصوف والوصف هو قول الواصف وهذا فاسد والصفة هي الوصف وهما مصدران لفعل واحد تقول وصف يصف صفة ووصفا وهذا كالوهب والواهب والهبة والوعد والعدة تقول وهب يهب هبة ووهبا ووعد يعد عدة ووعدا (فصل) في معرفة اسماء الله تعالى وحقيقتها فاما اسماء الله تعالى كلها فعائدة الى الصفات لانها دالة على معان ومتضمنة لفوائد وليس فيها اسم يخلو من ذلك ويجرى مجرى اللقب إنما وضع على شخص تقع الاشارة إليه ليفرق بينه وبين ما شاركه في جنسه من الاشخاص المتماثلة ولما كان الله تعالى يجل عن المجانسة ويرتفع عن المماثلة استحال ان يكون في اسمائه لقب ووجب ان يكون جميعها مفيدا للمعانى كما تفيد الصفات فاما التسمية له تعالى بالله فانه يفيد من المعنى وله العباد إليه وتعلق نفوسهم به ورغبتهم عند الشدائد في ازالة المكروه إليه وقد روى عن الصادق عليه السلام في هذا المعنى مثل ما ذكرناه الحقيقة وان خالفه في
--- [ 21 ]
পৃষ্ঠা ২০