وقال - عليه السلام - بعد أن ساق البراهين على وجوب اتباع أهل البيت صلوات الله عليهم من الكتاب والسنة، حتى انتهى إلى طرق أخبار التمسك، ما نصه: فهذه كما ترى أخبار متظاهرة مما روته العامة، ولا تناكر فيه، ولا اختلفت معانيه، وقد تكرر لفظ العترة وأهل البيت، وبينا من هم بدلالة الكتاب في آية التطهير وأحاديث الكساء والبرد المتكررة المتظاهرة.
إذ هم موضع الحجة على الأمة، لمكان العصمة، وإيجاب الرجوع إليهم في المهمة، كما يرجع إلى الكتاب في الدلالة، وهذا نص صريح يأمر به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كل من شملته لفظة الإسلام، فمن كان من المسلمين لزمه الاقتداء بالثقلين: الكتاب والعترة، ولا يلزم أهل بيته الاقتداء بأحد؛ لأن الوصية بالتمسك بأهل بيته، والأمر بذلك لأمته، فهو أمر بالاقتداء بهما إلى آخر أيام التكليف؛ لأنه قيد التمسك بالأبد، وجعل مدة اجتماعهما إلى ورود الحوض عليه صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الأمر منه - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتمسك بأهل بيته عليهم السلام عام لكل أهل الإسلام.
وهو أيضا واجب، يدل على وجوبه قبح تركه؛ لأنه - عليه السلام - قال: ((ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا ))، فجعل ترك التمسك بهما هو الضلال.
قلت: لأن منطوقه صريح بنفي الضلال عن التمسك، وترك الضلال واجب، فيجب التمسك الموصل إلى القطع بنفيه قطعا، إذ لا طريق إلى ذلك سواه ، ومفهومه أن ترك التمسك بهما ضلال، وهو قبيح بلا إشكال، وأيضا التمسك بالكتاب واجب قطعا، وقد قرنوا به فيكون حكمهم حكمه، وأيضا قد جعلهم الله خليفته، وللخليفة ما للمستخلف بلا خلاف، وإلا فلا معنى للاستخلاف، وأيضا المقام صريح ضروري في هذا المقصود، فالمناكرة فيه باب من التكذيب والرد والجحود.
পৃষ্ঠা ৫২