ولما تم ما أمره ربه من النص على إمامته، والإشارة بخلافته، نزل قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة:3].
قلت: روى البخاري وغيره أنها نزلت يوم عرفة، ويحمل على تكرر النزول مع صحة النقل كما هو الواجب في الجمع، وقد قيل ذلك في آي كثيرة ، وفائدته بيان السببية للجميع، والله سبحانه ولي التوفيق.
قال: هذا غير ما كان في حالة صغره، فإنه في حال ولادته غسله وسماه، وفي حجره المبارك رباه، وهو كشاف الكرب عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم خصه الله بالذرية الطيبة المباركة الزكية، التي ملأت البلاد مشاهد ومعاهد، وعلوما وفوائد، فظهرت علومها، ورجحت حلومها، وصدقت كراتها ، وظهرت آياتها، ومدحها من الأكابر والأفاضل، دون الأسافل والأراذل، وليها وعدوها.
إلى أن ذكر - عليه السلام - ولاية الحرمين المطهرين، زادهما الله على مرور الأيام شرفا ونفاذا، وأنهما تحت ولايتهم ذلك العصر، قال - عليه السلام -: فأحكامهم ماضية فيهما بما يسر صاحب بغداد تارة ويسوءه أخرى، وإظهارهم لأذان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي ورثوه عن سلفهم، وأجمع عليه آباؤهم، بحي على خير العمل، مع كراهة من تحنبل.
ثم ذكر - عليه السلام - المباحث المهمة، والعلوم الجمة، في طرق كتب الإسلام، وروايات الأنام، من جميع الأمة، والبيان لحجج الله من الكتاب والسنة، وتعداد فرق الأمة من جميع الطوائف، وما عليه كل فريق من مؤالف ومخالف.
পৃষ্ঠা ৫১