وأظن هذا الذي يذهب إليه أصحابنا، والله يوفقنا وإياهم برحمته. وقد طعن كثير من أعثار الملحدين في قول الله عز وجل: { الرحمن الرحيم } ?وفي قوله: { الحمد الله رب العالمين } ?وفي كثير من القرآن. فقالوا: إذا كان عندكم الرحمن الرحيم معناها واحد، فلم جاز تكريرهما والإيجاز أفصح؟ وكذلك قالوا: كيف جاز أن يقول: الحمد الله وهو الله، ولم يقل الحمد لنا؟ وهذا من جهلهم بمخاطبات الناس وقصورهم عن علم اللغة.
? فأما قوله تعالى: { الرحمن الرحيم } ؛ فإن العرب الذين خوطبنا بلغتهم يقولون: نديم وندمان، والذي قد تغدى وتعشى غديان وعشيان وصبحان، وغبقان للذي قد اصطبح واغتبق. وهو كقولهم: رحيم وراحم وقدير وقادر. والرحيم وهو الراحم وعليم وعالم، وتكرير اللفظتين المختلفتين وإن كان معناهما واحد في كثير من اللغة، تقول العرب: جاز مجيز، وأما قوله: ? { الحمد لله رب العلمين } ؛ فإن للمخاطبات منازل ومراتب، ألا ترى أن مخاطبة الرجل لابنه، والسيد لعبده والملك لرعيته تختلف من بمخاطبة الرجل لأخيه. يقول الرجل لابنه: أما تعلم أن من الحق عليك أن تبر أباك. والإمام يكتب أمر: الإمام أمير المؤمنين بكذا وكذا ليقع للسامعين موقع الإجلال والتعظيم.
পৃষ্ঠা ৫৪