والشمس لا تكون إلا بالنهار (¬1) فكرر وأكد، ولا شاهدوا على ما ذكرنا أعدل من الشعر (¬2) المشهور، وقد روي أن ابن عباس كان إذا سئل عن شيء من غيوب (¬3) القرآن أنشدهم من الشعر ما يعرفهم إياه. وروي عنه إنه قال: الشعر أو علم العرب وهو ديوانهم، فتعلموا الشعر وعليكم بشعر الحجاز (¬4) فإنه شعر الجاهلية، وقد فسر القرآن وتأوله رجال منهم: قتادة والضحاك ومجاهد وغيرهم. وروي عن مكحول أنه قال في الرجل يقرأ القرآن فيمر بالآية فيتأولها على تأويل لم يسمع به وهو يرى إنه على ما يؤول. (¬5) قال: لا بأس بذلك مالم يعزم عليه، ولولا جهل كثير من الملحدين وعنادهم ما احتج للقرآن بالشعر ولا بغيره؛ لأنهم وإن كانوا مكذبين بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم مقرون بأنه جاء بهذا القرآن وأنه أورده على العرب، وقرعهم بالعجز عنه، وجعله حجة لنفسه.
وأدنى منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون رجلا من فصحاء العرب، لا يتأخر عن النابغة والأعشى بالعلم باللغة، وما يجوز فيها وما لا يجوز، وهذا مالا يدفعه عن مصدق ولا مكذب، فكيف يجوز أن يحتج بقول هذين، ولا يحتج بقول نفسه، وكيف صار حجة على غيرهما، ولم يكن هو حجة عليهما.
ولكن العلماء لما علموا من سعة الحق احتجوا بشعر الماضين قطعا للشغب وإزاحة العلة وبالله التوفيق.
¬__________
(¬1) في (ج): للنهار.
(¬2) في (أ): الشعراء. والصواب: الشعر.
(¬3) في جميع النسخ "عيوب" وإن القرآن لا يوجد به عيب ، قال جل ذكره: (قرأنا عربيا غير ذي عوج).
(¬4) في (ب) و (ج) أهل الحجاز.
(¬5) في (ج): تأول.
পৃষ্ঠা ৫২