وطعن قوم في تكرير معنى بلفظتين مختلفتين، مثل قوله: { ?الرحمن الرحيم? } وقوله: ? { يعلم سركم ونجواكم } (¬1) والنجوى هو السر، فطعنوا في غير مطعن، وذلك أن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب تستعمل في لغتها ما أنكروه وطعنوا فيه؛ فإنما يكرر المعنى بلفظتين مختلفتين لاتساعه ولاتساع اللغة في الألفاظ، وذلك قول القائل: آمرك بالوفاء وأنهاك عن الغدر، وآمرك بالتواصل وأنهاك عن التقاطع، والأمر بالتواصل هو النهي عن التقاطع. ونحو قوله: لا تجر عليه ولا تظلمه فكرر المعنى لما اختلف اللفظان كما يقول: نديم وندمان وعلى مثال قوله: رحيم ورحمان، ويروى عن ابن عباس إنه قال: { ?الرحمن الرحيم } ?إسمان رقيقان (¬2) أحدهما أرق من الآخر ?الرحمن?الرقيق و ?الرحيم?العاطف على عباده الرؤوف، وقد يكون هذا على التكرير والتأكيد ، والله أعلم. وقوله: ? { فغشاها ماغشى } (¬3) { فأوحى إلى عبده ما أوحى } (¬4) { ?ولا طائر يطير بجناحيه } (¬5) والطيران لا يكون إلا بجناح، ومثل هذا من الكلام كثير كقول القائل: كلمته بلساني ونظرت إليه بعيني، ويقال: بين زيد وبين عمرو، وإنما البين واحد، يراد به بين زيد وعمرو. قال أويس:
ألم تكسف الشمس شمس النهار مع النجم والقمر الواجب.
¬__________
(¬1) الأنعام: 3.
(¬2) في (ج) رفيقان.
(¬3) النجم: 54.
(¬4) النجم: 10.
(¬5) الأنعام: 38.
পৃষ্ঠা ৫১