وأما الطبيب الحاذق فإنه يخلص من جميع هذه المثالب، وبيانا فيحسن فى هذه الأشياء التى وصفنا. وعنده مع ذلك طريق لوجود جميع ما يحتاج إليه فيما يعالج به المرضى. حتى أنه وإن اتفق أن يكون فى قرية ليس معه فيها شىء مما كان يستعمله من الأدوية فى مدينته، يقدر أن يجد هناك ما يحتاج إليه لعلاج كل مرض من زهر النبات، وثماره، وأصوله، ولحائه، ولبنه، وورقه، وعصارته من الحشائش والشجر وما بين ذلك. فقد رأيتمونى وأنا أفعل ذلك مرارا كثيرة. وبهذا الطريق بعينه يقدر المستعمل الدواء الواحد المفرد كالمرداسنج والاسفيداج أن يلزق به الجراحات ويدمل به ما يحتاج منها إلى الإدمال. ويشفى به القروح العظيمة الغور والنواصير. ويسكن به عادية القروح الخبيثة الساعية، ويبرئ به القروح التى معها أورام أو صلابة. وكذلك قد يجب على الطبيب الكامل أن يحسن هذا ويحكمه. وقد ينبغى إذا اقترحت على طبيب أن يبرئ [ذلك] بدواء واحد مفرد يسميه لك، عللا مختلفة ليتبين لك حذقه، أن يكون ذلك الدواء ليس فى الغاية من الحرارة ولا من البرودة، لكن يكون — إن أمكن — متوسطا. فإن كان إلى الحر أو إلى البرد أميل، فلا ينبغى أن يكون قد بعد عن المتوسط كثيرا. فقد رأيتمونا مرارا كثيرة هيأنا من المرداسنج أدوية أبرأنا بها جميع هذه الأدواء التى وصفنا قبل، وغيرها من القوابى، والسعفة، والسحج الذى يكون فى الفخذين من المشى، وجميع القروح التى تكون فى الرحم وفى المقعدة، وفى غيرهما من سائر الأعضاء من غير علة من خارج. وذلك أن المرداسنج إذا خلط بالماء العذب كان فعله لونا، وإذا خلط بماء البحر كان فعله غير ذلك الفعل، وإذا خلطناه بدهن الورد كان فعله غيرهما، وإذا خلط بالخل كان فعله غير فعل الثلاثة، وإذا خلط بالزيت كان فعله غير فعلها، وإذا خلط بالخل والزيت من غير ماء، كان فعله غير فعل جميعها. وفعل المخطوط معه ماء عذب غير فعل المخطوط معه ماء البحر. وفعله أيضا إذا طبخ غير فعله إذا لم يطبخ، ويختلف أيضا اختلافا كثيرا على حسب اختلاف طبخه، فى كثرته وقلته. وكذلك الحال فى خبث الفضة، وفى الاسفيداج والطين المسمى قيموليا، وغيره من سائر أصناف الطين. فإنها إذا هى خلطت مرة بماء، ومرة بشراب، ومرة بماء البحر، ومرة بماء الثلج، ومرة بزيت، ومرة بدهن ورد، ومرة باثنين من هذه أو ثلاثة أو بأكثر من ذلك، ظهرت منها قوى متضادة. وإن أنت خلطت هذه الأدوية بعصارات أصناف النبات، كان ما يظهر من اختلاف قواها وأفعالها أكثر. فقد تقدر ان تعجن كل واحد من هذه الأدوية بعصارة الخس مرة، وبعصارة السلق أخرى، وبعصارة الهندباء مرة، وبعصارة الحماض مرة، وبعصارة الحشيشة التى يقال لها لسان الحمل، وبعصارة الحشيشة التى يقال لها حى العالم، وبعصارات أصناف كثيرة غير هذه من النبات. فتقدر بهذا الطريق أن تهيئ من المرتك دواء يصلح لجميع القروح، وكذلك من غير المرتك مما ليست له قوة قوية. على أنه إن كان للدواء قوة قوية، فقد يمكن أن تخلطه بهذه الأشياء التى وصفنا، فيحدث له أفعال كثيرة مختلفة ، كما قد يفعل بالنورة. وذلك أنا قد نخلطها مع كل واحد مما وصفنا، وربما غسلناها وربما لم نغسلها، فيكون فعلها على حسب ما نخلطها به وعلى حالها فى الغسل وغيره.
١٣
পৃষ্ঠা ১২৮