والواحدة عُلْقة؛ لأنّ كلًّا من هذه المذكورات علقة، ثمّ إنّه ذكَّر بعد ذلك حملًا علىِ اللّفظ بعد أن حملِ الأوّل على المعنى، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [الأحزاب: ٣١] بتذكير الأوّل وتأنيث الثّاني (١).
(٣٣ - ٧) وفي حديثه أنّه سئل عن الشرب في الأوعية، ثمّ قيل له: فالرصاص والقارورة؟ فقال: "مَا بَأسٌ بِهِمَا" (٢):
"بهما" جعل اسم "ما" (٣) نكرة والخبر جار ومجرور (٤)، والأكثر في كلامهم أن يقدم ههنا الخبر فيقال: ما بهما بأس، وتقديم المبتدأ جائز (٥)؛ لأنّ البأس مصدر، وتعريف المصدر وتنكيره متقاربان، وقد قالوا: لا رجل في الدَّار، فرفعوا بـ "لا" النكرة وما قربت منها، ويجوز أن تحمل "ما" على "لا".
(٣٤ - ٨) وفي حديثه: " فَلأُصلِّي لَكُمْ" (٦)، ولم يقل: بكم؛ لأنّه أراد: من
_________
(١) يعني أنّه ذكّر الفعل الأوّل "يقنت" على معنى "الإنسان"، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ [الإسراءِ: ١٣] فهو يعم الذكر والأنثى، وأنث الفعل الثّاني "تعمل" على اللّفظ في قوله: "منكن".
ووقع في خ، و"عقود الزبرجد" (١/ ١١٢): بتأنيث الأوّل، وتذكير الثّاني. وهو خطأ واضح.
(٢) إسناده حسن: وهذا لفظ أحمد (١١٦٨٩)، والحديث أخرجه البخاريّ (٥٥٨٧) تعليقًا، ومسلم (١٩٩٢)، والنسائي (٥٦٢٩)، والدارمي (٢١١٠).
(٣) في خ: اسمها.
(٤) وهذا على أنّها "ما" الحجازية بمعنى "ليس" وتعمل عملها.
(٥) في خ: غير جائز. وكذا في "عقود الزبرجد" (١/ ٩٩). وهو خطأ؛ لأنّ العكبري حكى أن الأكثر في كلامهم تقديم الخبر، فدل على جواز تقديم المبتدأ نكرة، فعلل ذلك بأن المبتدأ هنا مصدر، وتعريف المصدر وتنكيره متقاربان.
(٦) صحيح: أخرجه البخاريّ (٣٨٠)، ومسلم (٦٥٨)، والنسائي (٨٠١)، وأبو داود (٦١٢)، ومالك (٣٢٦)، وعبد اللَّه (١٢٥٧).
قال السيوطيّ: " ..، وقال الزركشي: قال ابن السَّيِّد: يرويه كثير من النَّاس بالياء، ومنهم من يفتح اللام ويسكن الياء (يعني هكذا: فَلأُصَلِّي)، ويتوهمونه قسمًا. ذلك غلط؛ لأنّه لا وجه للقسم، ولو كان لقال: "فلأصلّين" بالنون، وإنّما الرِّواية الصحيحة: "فلأصل" على معنى الأمر، والأمر إذا كان للمتكلم وللغائب كان =
1 / 74