وقد أسند الخطيب البغدادي في "جامعه" عن عمر بن الخطّاب ﵁ قال: تعلموا العربيّة؛ فإنها تزيد في المروءة. كما روى عن جماعة من السلف أنّهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن.
قال الرحبي: سمعت بعض أصحابنا يقول: إذا كتب لحان، فكتب عن اللحان لحان آخر، فكتب عن اللحان لحان آخر، صار الحديث بالفارسية.
ولكن:
لا يطلب من كلّ أحد أن يتقن الخلاف بين البصريين والكوفيين؛ فهذا عَسِرٌ في هذه الأيَّام، والتخصصُ مطلوب، وقد قيل: إذا أردت أن تكون عالمًا فادخل في فن من الفنون،، وذلك لقصر العمر وذهاب أشياخ العلم الذين يُتَنَقَّلُ بينهم؛ فلو فتح إنسان باب كلّ علم - في مثل هذا العصر - لأتاه أجله قبل أن يحصل ما يريد.
نعم، يستحب لطالب العلم أن يُلِمَّ بمختصر مفيد في كلّ علم، لكن ليس على سبيل التبحر، سيما وقد ذهب أمثال الإمام أحمد وابن تيمية والسيوطي وأضرابهم؛ فإن الأوّل قال فيه الشّافعيّ ﵁: أحمد بن حنبل إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في القرآن، إمام في اللُّغة، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.
وأمّا الثّاني، فكما هو ثابت في ترجمته ﵀! - أنّه كان إذا تكلم في علم ظُنَّ به أنّه لا يحسن غيره، فإذا تكلم في غيره وجد بحرًا.
وأمّا الثّالث، فإنّه زعم أنّه أتقن كلّ العلوم الشرعية وعلوم اللُّغة، حتّى قال عن نفسه وشانئيه: " ..، فإن ثَمَّ مَنْ ينفخ أشداقه ويدعي مناظرتي، وينكر عليَّ دعوى الاجتهاد والتفرد بالعلّم على رأس هذه المائة، ويزعم أنّه يعارضني، ويستجيش عليَّ بمن لو اجتمع هو وهم في صعيد واحد ونفخت عليهم نفخة صاروا
1 / 13