يكون خبرا عن كل شيء، وهذا لا يلزم، لأنه إنما يكون خبرا عما هو في معناه، لو قلت: فعلك الضرب لكان مستقيما، ولو قلت: قعودك الضرب لم يجز، لان الضرب ليس بقعود على وجه.
مسألة [٣٩]
ومن ذلك قوله في باب ترجمته: هذا باب ما شبه من الأماكن المختصة بالمكان غير المختص، زعم أن قوله: داري خلف دارك فرسخا، قال: لما قال: داري خلف دارك، أبهم فلم يدر ما قدر ذلك، فلما قال: فرسخا أو ميلا، أراد أن يبين ما عمل فيه كما أعمل في قوله: عشرون درهما، كما كان أفضلهم رجلا.
قال محمد: والدليل على أن هذا غير منتصب على التمييز أن التمييز لا يكون أبدا إلا ومعناه من كذا وكذا، إن قولك: عشرون درهما، إنما هو من الدراهم، وكذلك قولهم: أفضلهم رجلا، قد كان يستقيم أن تقول: أفضلهم فارسا، وأفضلهم حرا، وغير ذلك، فلما قلت: رجلا، كان التفضيل من الرجال كلهم، ولكن لما قال: داري خلف دارك، لم تدر على أي حال هي منها من البعد، فلما قال: فرسخا، علم أنها تباعدت على هذه الحال، لأن الحال قد تكون اسما غير صفة نحو قولك: مررت بقومك عشرة.
قال أحمد: أما قوله: إن التمييز لا يكون أبدا إلا ومعناه من [كذا] فقد رجع عن هذا القول في الكتاب الذي وضعه لشرح ما أغفل سيبويه شرحه، وقال: إن منه ما يكون بمن، ومنه ما يكون بغير من، وذلك أنك تقول: زيد أحسن منك وجها وأنظف /٥٤/ ثوبا، ولا يحسن دخول من في هذا المنصوب، ويحسن من علة تذكر في غير هذا الكتاب، لأن قصدنا ها هنا دفع هذه الشبهة التي أتى بها محمد.
وأما قوله: إن فرسخا ينتصب في هذه المسألة على الحال فهو خطأ من جهة المعنى، لأنه يجعل الدار حينئذ فرسخا في مقدارا، وذلك أن الحال هي الأولى في المعنى، ألا ترى أنك إذا قلت: جاء زيد راكبا، فالراكب هو زيد، وكذلك جميع الحالات هي في المعنى الأول
1 / 113