ترجمة الباب: هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور، ألا ترى انك إذا قلت: أما علما فعالم، إن هذا الكلام إنما تكلمت به بعد شيء جرى وأوصاف تقدمت لموصوف مذكور، فكأنك قلت: مما صح له من هذه الأوصاف فكذا وكذا، وكأن رجلا ذكر بعلم وعقل ونبل، فقلت: أما نبلا فنبيل، أي: أما المذكور نبيلا فنبيل، والدليل على ذلك ما فسره الخليل بتمثيله أن هذا الباب كقولهم: أنت الرجل علما وفهما وأدبا، أي: أنت الرجل في هذه الحال، وكذلك إن قدرته على الوجه الآخر الذي ذكره سيبويه، وهو أن ينتصب المصدر لأنه مفعول من أجله، فكأنه قال: أما المذكور من أجل العلم فعالم، فهو ينساغ على الوجهين جميعا، والمصادر والصفات على /٥١/ هذا التمثيل تصح إذا أعملت ما قبله.
فأما ما حكاه محمد عن الأخفش من أنه يضمر (أن يكون) فقد رجع عنه في آخر الكلام ولسنا نقتصر على رجوعه دون تبيين مذهب الأخفش فيه وإفساده، وذلك أن المصادر في هذا الباب إذا وليت (أما) فالأكثر فيها النصب، فإذا أضمرت (أن يكون) وهو مصدر ونصبته على مذهب من ينصب بإضمار ناصب فقد لزمه على قوله أن يكون المضمر مصدرا أيضا، ويكون منصوبا بمصدر آخر، فيتصل هذا بما لا غاية له، وهذا فاسد.
وأما قول سيبويه في أول الباب: إن المصدر ينتصب بما قبله وما بعده، فلم يرد به أنه منصوب بهما جميعا في حال، وإنما أراد معنى (أو)، وقد بين ذلك في آخر الباب بإعادة هذا القول فقال: ينتصب بما بعده أو ما قبله، وجاء بلفظ (أو)، ولو لم يرد ذلك
1 / 110