يديك، إلا أن الناس لا يكادون يستعملون هذه الكلمة إلا بعد لبيك، فيقولون: لبيك وخير بين يديك، كأنهم يستعملونها مع الإجابة، فأتي بالكلام كله والشاهد في بعضه، كما يؤتى بالشعر كله والشاهد في بعضه، ذلك يؤتى بالمثل والشاهد كلمة منه، فلبيك في قوله نصب وليس هذا بابه، وهو مع ذلك معرفة، وليس هذا الباب للمعرفة ولا للمنصوب، وإنما اعترض به لما بعده إذا كان كلاما ما يذكره الناس جملة، فجاء به على ما يعرفونه ويجري في كلامهم، وهذا أظهر وأبين من أن يحتج له أو يدل عليه بأكثر من هذا.
مسألة [٣٧]
ومن ذلك قوله في باب ترجمته: هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور، زعم أن قوله: أما صديقا مصافيا فليس بصديق مصاف، وأما عالما /٥٠/ فهو عالم، أن هذا ينتصب على الحال، وإذا مثل هذا على ما قال لم يصح له معنى، ألا ترى أنك لو قلت: أما هو فعالم عالما، وأما هو فليس بصديق مصاف صديقا مصافيا، ولكن نصبه على كان، لأنها تقع ها هنا ولا ينتقض المعنى عليها، لأنه قد ذكر قبل رجلا، فكأنه قال: أما أن يكون طاهرا فهو طاهر، أي: كينونة طهارته فصحيحة، ولذلك لم يجز في هذا الرفع، وهذا التفسير مذهب أبي الحسن، وليس مذهب أبي الحسن أيضا بشيء في هذا، وقد فسرنا القول في هذا في غير هذا الكتاب.
قال أحمد بن محمد: أما قوله: إن هذا إذا مثل لم يصح على الوجه الذي مثله وهو يصح على غيره، لأنه مثله بإعمال ما بعده فيه، وقد زعم سيبويه في هذا الباب أن المصادر والصفات التي تقع بعد (أما) تنتصب بما بعدها أو ما قبلها، ألا ترى أنك لو قلت: أما علما فلا علم عنده، إن هذا لا ينتصب بما بعده، وإنما ينتصب بما تقدره قبل، وإذا قلت: أما علما فعالم، جاز أن تنصبه بما بعده، وكذلك الصفات، إذا قلت: أما صديقا فصديق، والتقدير إذا نصبته بما قبله أن تضمر، أما المذكور صديقا فهو صديق، يدل على ذلك قول سيبويه في
1 / 109