أو ترك ذلك، فكيف فيما لا ينساغ لك البتة أن تحمله على الأول، فقياس ما تحمله من الجمل على الموضع كقياس ما تحمله على اللفظ، فتكون مخيرا فيما يجوز وينساغ حمله على الموضع أو ترك ذلك، نحو قولك: زيد ضربت أباه ثم ضربت عمرا، فهذا معطوف على ضربت، ولا يجوز حمله على موضعه في الإعراب، فأما /١٥/ ما يجوز فقولك: زيد ضربت أباه ثم ضربت أخاه، فقولك: ضربت أخاه، فيجوز أن تحمله على موضع زيد ضربت أباه ثم ضربت أخاه، فقولك: ضربت يجوز أن تحمله على موضع ضربت أباه في الإعراب، وقد اتفقوا جميعا- والراد معهم- على أنه يجوز زيد ضربته وعمرا كلمته، فينصبون عمرا على ما كان يجوز في الابتداء، والذي يضمرونه في العطف هو الذي يضمرونه في الابتداء، وليس يذهب سيبويه إلى أن يعطف عمرا على الهاء، وإنما مذهبه أن يكون بناء الجملة الثانية كبناء الجملة التي قبلها، فهم منفقون على جواز ذلك، وإنما الفرق بينهم قول سيبويه: إن جواز النصب فيها إذا كانت معطوفة أحسن من جوازه في الابتداء، ولم يرد أن يحمل اسما على اسم ولا إعرابا على إعراب، ألا ترى أنه يقول: قام زيد وعمرا كلمته، أحسن في الإعراب، لأنه يجعل الاسم محمولا على الفعل في الجملة الثانية كما جعله في الأولى، وإن كان الفعل الأول رافعا والثاني ناصبا.
وأما إلزامه في قولك: من رأيته؟ أن تحمل الجواب مرة على (من) فترفع وتقول: زيد، ومرة على الهاء، فننصب وتقول: زيدا، فإن هذا [وإن لم يكن] قياس قوله في العطف، فهو لعمري يشبه العطف في حال ويخالفه في أخرى، وكذلك جعله سيبويه شبه العطف، فلأنك تحمل الجواب على ما حمل عليه السائل كلامه كما تحمل المعطوف (على المعطوف) عليه، وذلك قول سيبويه: إذا قال القائل: من رأيت؟ قلت: زيدًا رأيته، فحملت زيدا على
1 / 62