موضع لها على جملة لها موضع، والمعطوف على الشيء في مثل حاله.
قال أحمد: أما قول محمد: إنه لا يجوز أن تعطف جملة لا موضع لها فهذه دعوى لم يأت معها /١٤/ بحجة تبينها، وليس الأمر في ذلك على ما ذكر، ونحن نجد في الكلام جملة لا موضع لها معطوفة على جملة لها موضع، يجمع النحويون على إجازتها، ولا يمتنع الراد من ذلك فيها، وهو قولك: مررت برجل قام أبوه وقعد عمرو، فقام أبوه جملة في موضع جر لأنها نعت لرجل، وقد عمرو معطوفة عليها وليست في موضع جر، لأنك لا تقول: مررت برجل قعد عمرو، إذ ليس في الجملة الثانية ضمير يعود على رجل فيكون نعتا له، وكذلك، إذا قلت: زيد يضرب غلامه فيغضب عمرو، فيضرب غلامه رفع لأنه خبر المبتدأ، ويغضب عمرو معطوف عليه، وليس في موضع رفع، لأنه لا عائد فيه على المبتدأ، وليس سبيل عطف الجمل أن يكون الثاني محمولا على الأول في لفظ ولا موضع بالواجب على كل حال، ألا ترى أن الجملتين قد تختلفان فتكون إحداهما مبنية من اسمين والأخرى "مبنية" من اسم وفعل، فتقول: أخطأ زيد والله المستعان، فالأولى من اسم وفعل، والثانية من اسمين، وتعطف المبني على المعرب والمعرب على المبني في الجمل، فتقول: قم وليقم زيد، وتقول: ليقم زيد وقم وتعطف الأمر على الخبر والخبر على الأمر كقولك: قام زيد فقم، وقم فقد قام زيد. فالجمل تعطف على الجمل مع اختلاف أحوالها وتباين مجاريها في معانيها، فكيف لا تعطف مع اختلاف مواضعها، وإذا كانت الجملة لا يلزم فيها أن تتبعها الجملة في لفظها، كذلك لا يلزم في كل حال أن تتبعها في موضعها، ألا ترى أنك تقول: إن زيدا قائم وعمرا جالس، فتأتي بلفظ الجملة الثانية كلفظ الأولى وتحملها عليها، وإن شئت لم تفعل ذلك، فتقول: إن زيدا قائم وعمرو جالس، فأنت فيما ينساغ لك أن تحمله على الأول، مخير في حمله عليه،
1 / 61