أن إثبات كون الحامد محامد في نفسها بدون أن يسميها الشرع محامد، وذلك بأن تكون محامد في نفس الأمر، إنما يتم على قاعدة التحسين والتقبيح، وأنتم لا تقولون بذلك، بل يلزم على مذهبكم أن المحامد التي يستحقها تعالى شرعية فيكون داخلا تحت الحدود الشرعية، ويلزم أنه تعالى لا يكون مستحقا للمحامد إلا بعد ورود الشرع، مع أن العلم بأنه سبحانه واجب الوجود مستحق للمحامد عقلي محض، فانظروا في هذه المناقضة.
الوجه الثاني: قد مر لنا قريبا أن استحقاقه تعالى للمحامد من الكل لا يتم على مذهبكم أيضا في أنه تعالى هو المؤثر في جميع القبائح المذمومة، وقد أوضحناه، أو فلا نعيده.
وأما ثالثا: فلأن كونه تعالى هو الرحمن الرحيم لايتم على هذا المذهب الفاسد لأن من يضل عباده ويغويهم ابتداء منه ويخرجهم من النور إلى الظلمات بلا واسطة فعل منهم، ويخلق فيهم الكفر والارتداد، ثم يعاقبهم ويعذبهم عليه ويقول لهم: أفعلتم ولم تركتم، فليس برحمان ولا رحيم فضلا عن أنه عدل حكيم، وسيأتي لهذا مزيد تتميم.
পৃষ্ঠা ৮৬